الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ***
أَمَّا الْوَاجِبَاتُ الْأَصْلِيَّةُ في الصَّلَاةِ فَسِتَّةٌ منها قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ في صَلَاةٍ ذَاتِ رَكْعَتَيْنِ وفي الْأُولَيَيْنِ من ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ حتى لو تَرَكَهُمَا أو أَحَدَهُمَا فَإِنْ كان عَامِدًا كان مُسِيئًا وَإِنْ كان سَاهِيًا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَهَذَا عِنْدَنَا وقال الشَّافِعِيُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ على التَّعْيِينِ فَرْضٌ حتى لو تَرَكَهَا أو حَرْفًا منها في رَكْعَةٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ. وقال مَالِكٌ قِرَاءَتُهُمَا على التَّعْيِينِ فَرْضٌ احْتَجَّا بِمَا رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال لَا صَلَاةَ لِمَنْ لم يَقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكتاب وروى لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكتاب وَسُورَةٍ مَعَهَا أو قال وَشَيْءٌ مَعَهَا وَلِأَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وَاظَبَ على قِرَاءَتِهِمَا في كل صَلَاةٍ فَيَدُلُّ على الْفَرْضِيَّةِ. وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: {فاقرؤوا [فاقرءوا] ما تَيَسَّرَ من الْقُرْآنِ} أَمْرٌ بِمُطْلَقِ الْقِرَاءَةِ من غَيْرِ تَعْيِينٍ فَتَعْيِينُ الْفَاتِحَةِ فَرْضًا أو تَعْيِينُهُمَا نَسَخَ الْإِطْلَاقَ وَنَسْخُ الْكتاب بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَكَيْفَ يَجُوزُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَقَبِلْنَا الحديث في حَقِّ الْوُجُوبِ عَمَلًا حتى تُكْرَهَ تَرْكُ قِرَاءَتِهِمَا دُونَ الْفَرْضِيَّةِ عَمَلًا بِهِمَا بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ كيلا يُضْطَرَّ إلَى رَدِّهِ لِوُجُوبِ رَدِّهِ عِنْدَ مُعَارَضَةِ الْكتاب وَمُوَاظَبَةُ النبي صلى الله عليه وسلم على فِعْلٍ لَا يَدُلُّ على فَرْضِيَّتِهِ فإنه كان يُوَاظِبُ على الْوَاجِبَاتِ وَالله أعلم. وَمِنْهَا الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيمَا يُجْهَرُ وهو الْفَجْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ في الْأُولَيَيْنِ وَالْمُخَافَتَةُ فِيمَا يُخَافَتُ وهو الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ إذَا كان إمَامًا وَالْجُمْلَةُ فيه أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا أو مُنْفَرِدًا فَإِنْ كان إمَامًا يَجِبُ عليه مُرَاعَاةُ الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ وَكَذَا في كل صَلَاةٍ من شَرْطِهَا الْجَمَاعَةُ كَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالتَّرْوِيحَاتِ وَيَجِبُ عليه الْمُخَافَتَةُ فِيمَا يُخَافَتُ وَإِنَّمَا كان كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ عن الْقَوْمِ فِعْلًا فَيَجْهَرُ لِيَتَأَمَّلَ الْقَوْمُ وَيَتَفَكَّرُوا في ذلك فَتَحْصُلُ ثَمَرَةُ الْقِرَاءَةِ وَفَائِدَتُهَا لِلْقَوْمِ فَتَصِيرُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةً لهم تَقْدِيرًا كَأَنَّهُمْ قرؤوا [قرءوا] وَثَمَرَةُ الْجَهْرِ تَفُوتُ في صَلَاةِ النَّهَارِ لِأَنَّ الناس في الْأَغْلَبِ يَحْضُرُونَ الْجَمَاعَاتِ في خِلَالِ الْكَسْبِ وَالتَّصَرُّفِ وَالِانْتِشَارِ في الْأَرْضِ فَكَانَتْ قُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةً بِذَلِكَ فَيَشْغَلُهُمْ ذلك عن حَقِيقَةِ التَّأَمُّلِ فَلَا يَكُونُ الْجَهْرُ مُفِيدًا بَلْ يَقَعُ تَسْبِيبًا إلَى الْإِثْمِ بِتَرْكِ التَّأَمُّلِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِأَنَّ الْحُضُورَ إلَيْهَا لَا يَكُونُ في خِلَالِ الشُّغْلِ وَبِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ يؤدي في الْأَحَايِينِ مَرَّةً على هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ من الْجَمْعِ الْعَظِيمِ وَحُضُورِ السُّلْطَانِ وَغَيْرِ ذلك فَيَكُونُ ذلك مَبْعَثَةٌ على إحْضَارِ الْقَلْبِ وَالتَّأَمُّلِ وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ من أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. وَالْأَرْكَانُ في الْفَرَائِضِ تؤدي على سَبِيلِ الشُّهْرَةِ دُونَ الْإِخْفَاءِ وَلِهَذَا كان النبي صلى الله عليه وسلم يَجْهَرُ في الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا في الِابْتِدَاءِ إلَى أَنْ قَصَدَ الْكُفَّارُ أَنْ لَا يَسْمَعُوا الْقُرْآنَ وَكَادُوا يَلْغُونَ فيه فَخَافَتَ النبي صلى الله عليه وسلم بِالْقِرَاءَةِ في الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْأَذَى في هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَلِهَذَا كان يَجْهَرُ في الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ أَقَامَهُمَا بِالْمَدِينَةِ وما كان لِلْكُفَّارِ بِالْمَدِينَةِ قُوَّةُ الْأَذَى ثُمَّ وَإِنْ زَالَ هذا الْعُذْرُ بَقِيَتْ هذه السُّنَّةُ كَالرَّمَلِ في الطَّوَافِ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّهُ وَاظَبَ على الْمُخَافَتَةِ فِيهِمَا في عُمْرِهِ فَكَانَتْ وَاجِبَةً وَلِأَنَّهُ وَصَفَ صَلَاةَ النَّهَارِ بِالْعَجْمَاءِ وَهِيَ التي لَا تَبِينُ وَلَا يَتَحَقَّقُ هذا الْوَصْفُ لها إلَّا بِتَرْكِ الْجَهْرِ فيها وَكَذَا وَاظَبَ على الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ وَالْمُخَافَتَةِ فِيمَا يُخَافَتُ وَذَلِكَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ وَعَلَى هذا عَمَلُ الْأُمَّةِ ويخفى الْقِرَاءَةَ فِيمَا سِوَى الْأُولَيَيْنِ لِأَنَّ الْجَهْرَ صِفَةُ الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ في الْأُخْرَيَيْنِ لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ. وإذا ثَبَتَ هذا فَنَقُولُ إذَا جَهَرَ الْإِمَامُ فِيمَا يُخَافَتُ أو خَافَتْ فِيمَا يُجْهَرُ فَإِنْ كان عَامِدًا يَكُونُ مُسِيئًا وَإِنْ كان سَاهِيًا فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّهُ وَجَبَ عليه إسْمَاعُ الْقَوْمِ فِيمَا يُجْهَرُ وَإِخْفَاءُ الْقِرَاءَةِ عَنْهُمْ فِيمَا يُخَافَتُ وَتَرْكُ الْوَاجِبِ عَمْدًا يُوجِبُ الْإِسَاءَةَ وَسَهْوًا يُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ وَإِنْ كان مُنْفَرِدًا فَإِنْ كانت صَلَاةً يُخَافَتُ فيها بِالْقِرَاءَةِ خَافَتَ لَا مَحَالَةَ وهو رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَذَكَرَ أبو يُوسُفَ في الْإِمْلَاءِ إنْ زَادَ على ما يُسْمِعُ أُذُنَيْهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَذَكَرَ عِصَامُ بن أبي يُوسُفَ في مُخْتَصَرِهِ وَأَثْبَتَ له خِيَارَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ اسْتِدْلَالًا بِعَدَمِ وُجُوبِ السَّهْوِ عليه إذَا جَهَرَ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ الْأَصْلِ لِقَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ من غَيْرِ فصل» وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مع حَاجَتِهِ إلَى إسْمَاعِ غَيْرِهِ يُخَافِتُ فَالْمُنْفَرِدُ أَوْلَى وَلَوْ جَهَرَ فيها بِالْقِرَاءَةِ فَإِنْ كان عَامِدًا يَكُونُ مُسِيئًا كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ في صَلَاتِهِ وَإِنْ كان سَاهِيًا لَا سَهْوَ عليه نَصَّ عليه في باب السَّهْوِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَجِبُ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ وَالنُّقْصَانُ في صَلَاةِ الْإِمَامِ أَكْثَرُ لِأَنَّ إسَاءَتَهُ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ فَعَلَ شَيْئَيْنِ نهى عنهما أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَفَعَ صَوْتَهُ في غَيْرِ مَوْضِعِ الرَّفْعِ وَالثَّانِي أَنَّهُ أَسْمَعَ من أُمِرَ بِالْإِخْفَاءِ عنه وَالْمُنْفَرِدُ رَفَعَ الصوت [صوته] فَقَطْ فَكَانَ النُّقْصَانُ في صَلَاتِهِ أَقَلَّ وما وَجَبَ لِجَبْرِ الْأَعْلَى لَا يَجِبُ لِجَبْرِ الْأَدْنَى وَإِنْ كانت صَلَاةً يُجْهَرُ فيها بِالْقِرَاءَةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَهَرَ وَإِنْ شَاءَ خَافَتَ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ إنْ شَاءَ جَهَرَ بِقَدْرِ ما يُسْمِعُ أُذُنَيْهِ وَلَا يَزِيدُ على ذلك وَذَكَرَ في عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ مُفَسَّرًا أَنَّهُ بين خِيَارَاتٍ ثَلَاثٍ إنْ شَاءَ جَهَرَ وَأَسْمَعَ غَيْرَهُ وَإِنْ شَاءَ جَهَرَ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ وَإِنْ شَاءَ أَسَرَّ الْقِرَاءَةَ أَمَّا كَوْنُ له أَنْ يَجْهَرَ فَلِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ إمَامٌ في نَفْسِهِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَجْهَرَ وَلَهُ أَنْ يُخَافِتَ بِخِلَافِ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْتَاجُ إلَى الْجَهْرِ لِإِسْمَاعِ غَيْرِهِ وَالْمُنْفَرِدُ يَحْتَاجُ إلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ لَا غَيْرُ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْمُخَافَتَةِ وَذُكِرَ في رِوَايَةِ أبي حَفْصٍ الْكَبِيرِ إن الْجَهْرَ أَفْضَلُ لِأَنَّ فيه تَشْبِيهًا بِالْجَمَاعَةِ وَالْمُنْفَرِدُ إنْ عَجَزَ عن تَحْقِيقِ الصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ لم يَعْجِزْ عن التَّشَبُّهِ وَلِهَذَا إذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ كان أَفْضَلَ هذا في الْفَرَائِضِ وَأَمَّا في التَّطَوُّعَاتِ فَإِنْ كان في النَّهَارِ يُخَافِتُ وَإِنْ كان في اللَّيْلِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ خَافَتَ وَإِنْ شَاءَ جَهَرَ وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ لِأَنَّ النَّوَافِلَ اتباع الْفَرَائِضِ وَالْحُكْمُ في الْفَرَائِضِ كَذَلِكَ حتى لو كان بِجَمَاعَةٍ كما في التَّرَاوِيحِ يَجِبُ الْجَهْرُ وَلَا يَتَخَيَّرُ كما في الْفَرَائِضِ وقد رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كان إذَا صلى بِاللَّيْلِ سُمِعَتْ قِرَاءَتُهُ من وَرَاءِ الْحِجَابِ وَرُوِيَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بابي بَكْرٍ رضي اللَّهُ عنه وهو يَتَهَجَّدُ بِاللَّيْلِ وَيُخْفِي الْقِرَاءَةَ وَمَرَّ بِعُمَرَ وهو يَتَهَجَّدُ وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَمَرَّ بِبِلَالٍ وهو يَتَهَجَّدُ وَيَنْتَقِلُ من سُورَةٍ إلَى سُورَةٍ فلما أَصْبَحُوا غَدَوْا إلَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ منهم عن حَالِهِ فقال أبو بَكْرٍ رضي اللَّهُ عنه كنت أُسْمِعُ من أُنَاجِي وقال عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه كنت أُوقِظُ الْوَسْنَانَ وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ وقال بِلَالٌ رضي اللَّهُ عنه كنت أَنْتَقِلُ من بُسْتَانٍ إلَى بُسْتَانٍ فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أَبَا بَكْرٍ ارْفَعْ من صَوْتِكِ قَلِيلًا وَيَا عُمَرُ اخْفِضْ من صَوْتِكَ قَلِيلًا وَيَا بِلَالُ إذَا افتتحت [فتحت] سُورَةً فَأَتِمَّهَا ثُمَّ الْمُنْفَرِدُ إذَا خَافَتَ وَأَسْمَعَ أُذُنَيْهِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ لِوُجُودِ الْقِرَاءَةِ بِيَقِينٍ إذْ السَّمَاعُ بِدُونِ الْقِرَاءَةِ لَا يُتَصَوَّرُ وأما إذَا صَحَّحَ الْحُرُوفَ بِلِسَانِهِ وَأَدَّاهَا على وَجْهِهَا ولم يُسْمِعْ أُذُنَيْهِ وَلَكِنْ وَقَعَ له الْعِلْمُ بِتَحْرِيكِ اللِّسَانِ وَخُرُوجِ الْحُرُوفِ من مَخَارِجِهَا فَهَلْ تَجُوزُ صَلَاتُهُ اُخْتُلِفَ فيه ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ وهو قَوْلُ أبي بَكْرِ الْبَلْخِيّ الْمَعْرُوفِ بِالْأَعْمَشِ وَعَنْ الشَّيْخِ أبي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ وَالْفَقِيهِ أبي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ أبي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ما لم يُسْمِعْ نَفْسُهُ وَعَنْ بِشْرِ بن غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ أَنَّهُ قال إنْ كان بِحَالٍ لو أَدْنَى رَجُلٌ صِمَاخَ أُذُنَيْهِ إلَى فيه سمع كَفَى وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهُمْ من ذَكَرَ في الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا بين أبي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فقال على قَوْلِ أبي يُوسُفَ يَجُوزُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ وَجْهُ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلُ اللِّسَانِ وَذَلِكَ بِتَحْصِيلِ الْحُرُوفِ وَنَظْمِهَا على وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وقد وُجِدَ فَأَمَّا إسْمَاعُهُ نَفْسَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ لِأَنَّ السَّمَاعَ فِعْلُ الْأُذُنَيْنِ دُونَ اللِّسَانِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ نَجِدُهَا تَتَحَقَّقُ من الْأَصَمِّ وَإِنْ كان لَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ. وَجْهُ قَوْلِ الْفَرِيقِ الثَّانِي إن مُطْلَقَ الْأَمْرِ بِالْقِرَاءَةِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَقَدْرِ ما لَا يَسْمَعُ هو لو كان سَمِيعًا لم يَعْرِفْ قِرَاءَةً وَجْهُ قَوْلِ بِشْرٍ أَنَّ الْكَلَامَ في الْعُرْفِ اسْمٌ لِحُرُوفٍ مَنْظُومَةٍ دَالَّةٍ على ما في ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِصَوْتٍ مَسْمُوعٍ وما قَالَهُ الْكَرْخِيُّ أَقْيَسُ وَأَصَحُّ وَذَكَرَ في كتاب الصَّلَاةِ إشَارَةً إلَيْهِ فإنه قال إنْ شَاءَ قَرَأَ وَإِنْ شَاءَ جَهَرَ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ وَلَوْ لم يُحْمَلْ قَوْلُهُ قَرَأَ في نَفْسِهِ على إقَامَةِ الْحُرُوفِ لَأَدَّى إلَى التَّكْرَارِ وَالْإِعَادَةِ الْخَالِيَةِ عن الْإِفَادَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ في الْباب لِأَنَّ هذا أَمْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فيه عُرْفُ الناس وَعَلَى هذا الْخِلَافِ كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالنُّطْقِ من الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالْيَمِينِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَغَيْرِهَا وَالله أعلم. وَمِنْهَا الطُّمَأْنِينَةُ وَالْقَرَارُ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهَذَا قَوْلُ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وقال أبو يُوسُفَ الطُّمَأْنِينَةُ مِقْدَارُ تَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ فَرْضٌ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ حتى لو تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ جَازَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ لَا تَجُوزُ ولم يذكر هذا الْخِلَافَ في ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُعَلَّى في نَوَادِرِهِ وَعَلَى هذا الْخِلَافِ إذَا تَرَكَ الْقَوْمَةَ التي بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالْقَعْدَةَ التي بين السَّجْدَتَيْنِ وَرَوَى الْحَسَنُ عن أبي حَنِيفَةَ فِيمَنْ لم يُقِمْ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ إنْ كان إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ منه إلَى تَمَامِ الرُّكُوعِ لم يُجْزِهِ وَإِنْ كان إلَى تَمَامِ الرُّكُوعِ أَقْرَبَ منه إلَى الْقِيَامِ أَجْزَأَهُ إقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ وَلَقَبُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَعْدِيلَ الْأَرْكَانِ ليس بِفَرْضٍ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أبي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ فَرْضٌ احْتَجَّا بِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الذي دخل الْمَسْجِدَ وَأَخَفَّ الصَّلَاةَ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قُمْ فصل فَإِنَّك لم تُصَلِّ هَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لم أَسْتَطِعْ غير ذلك فَعَلِّمْنِي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَدْتَ الصَّلَاةَ فَتَطَهَّرْ كما أَمَرَكَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَقُلْ اللَّهُ أَكْبَرُ وَاقْرَأْ ما مَعَكَ من الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حتى يَطْمَئِنَّ كُلُّ عُضْوٍ مِنْكَ ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حتى تَسْتَقِمْ قَائِمًا فَالِاسْتِدْلَالُ بِالْحَدِيثِ من ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ وَالْإِعَادَةُ لَا تَجِبُ إلَّا عِنْدَ فَسَادِ الصَّلَاةِ وَفَسَادُهَا بِفَوَاتِ الرُّكْنِ وَالثَّانِي أَنَّهُ نَفَى كَوْنَ الْمُؤَدَّى صَلَاةً بِقَوْلِهِ فَإِنَّك لم تُصَلِّ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالطُّمَأْنِينَةِ وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ لِلْفَرْضِيَّةِ وأبو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ احْتَجَّا لِنَفْيِ الْفَرْضِيَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} أمر [وأمر] بِمُطْلَقِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرُّكُوعُ في اللُّغَةِ هو الِانْحِنَاءُ وَالْمَيْلُ يُقَالُ رَكَعَتْ النَّخْلَةُ إذَا مَالَتْ إلَى الْأَرْضِ وَالسُّجُودُ هو التَّطَأْطُؤُ وَالْخَفْضُ يُقَالُ سَجَدَتْ النَّخْلَةُ إذَا تَطَأْطَأَتْ وَسَجَدَتْ النَّاقَةُ إذَا وَضَعَتْ جِرَانَهَا على الْأَرْضِ وَخَفَضَتْ رَأْسَهَا لِلرَّعْيِ فإذا أتى بِأَصْلِ الِانْحِنَاءِ وَالْوَضْعِ فَقَدْ امْتَثَلَ لِإِتْيَانِهِ بِمَا يَنْطَلِقُ عليه الِاسْمُ فَأَمَّا الطُّمَأْنِينَةُ فَدَوَامٌ على أَصْلِ الْفِعْلِ وَالْأَمْرُ بِالْفِعْلِ لَا يَقْتَضِي الدَّوَامَ وَأَمَّا حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ فَهُوَ من الْآحَادِ فَلَا يَصْلُحُ نَاسِخًا لِلْكتاب وَلَكِنْ يَصْلُح مُكَمِّلًا فَيُحْمَلُ أَمْرُهُ بِالِاعْتِدَالِ على الْوُجُوبِ وَنَفْيُهُ الصَّلَاةَ على نَفْيِ الْكَمَالِ وَتَمَكُّنِ النُّقْصَانِ الْفَاحِشِ الذي يُوجِبُ عَدَمَهَا من وَجْهٍ وَأَمْرُهُ بِالْإِعَادَةِ على الْوُجُوبِ جَبْرًا لِلنُّقْصَانِ أو على الزَّجْرِ عن الْمُعَاوَدَةِ إلَى مِثْلِهِ كَالْأَمْرِ بِكَسْرِ دَنَانِ الْخَمْرِ عِنْدَ نُزُولِ تَحْرِيمِهَا تَكْمِيلًا لِلْغَرَضِ على أَنَّ الحديث حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا فإن النبي صلى الله عليه وسلم مَكَّنَ الْأَعْرَابِيَّ من الْمُضِيِّ في الصَّلَاةِ في جَمِيعِ الْمَرَّاتِ ولم يَأْمُرْهُ بِالْقَطْعِ فَلَوْ لم تَكُنْ تِلْكَ الصَّلَاةُ جَائِزَةً لَكَانَ الِاشْتِغَالُ بها عَبَثًا إذْ الصَّلَاةُ لَا يُمْضَى في فَاسِدِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكِّنَهُ منه ثُمَّ الطُّمَأْنِينَةُ في الرُّكُوعِ وَاجِبَةٌ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ حتى لو تَرَكَهَا سَاهِيًا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السهود [السهو] وَذَكَرَ أبو عبد اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ أنها سُنَّةٌ حتى لَا يَجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهَا سَاهِيًا وَكَذَا الْقَوْمَةُ التي بين الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقَعْدَةُ التي بين السَّجْدَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ ما ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ لِأَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ من باب إكْمَالِ الرُّكْنِ وَإِكْمَالُ الرُّكْنِ وَاجِبٌ كَإِكْمَالِ الْقِرَاءَةِ بِالْفَاتِحَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم. أَلْحَقَ صَلَاةَ الْأَعْرَابِيِّ بِالْعَدَمِ وَالصَّلَاةُ إنَّمَا يقضي عليها بِالْعَدَمِ إمَّا لِانْعِدَامِهَا أَصْلًا بِتَرْكِ الرُّكْنِ أو بِانْتِقَاصِهَا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ فَتَصِيرُ عَدَمًا من وَجْهٍ فَأَمَّا تَرْكُ السُّنَّةِ فَلَا يَلْتَحِقُ بِالْعَدَمِ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ نُقْصَانًا فَاحِشًا وَلِهَذَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا أَشَدَّ الْكَرَاهَةِ حتى رُوِيَ عن أبي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قال أَخْشَى أَنْ لَا تَجُوزَ صَلَاتُهُ وَمِنْهَا الْقَعْدَةُ الْأُولَى لِلْفصل بين الشَّفْعَيْنِ حتى لو تَرَكَهَا عَامِدًا كان مُسِيئًا وَلَوْ تَرَكَهَا سَاهِيًا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السهود [السهو] لِأَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وَاظَبَ عليها في جَمِيعِ عُمُرِهِ وَذَا يَدُلُّ على الْوُجُوبِ إذَا قام دَلِيلُ عَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ وقد قام هَهُنَا لِأَنَّهُ رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قام إلَى الثَّالِثَةِ فَسُبِّحَ بِهِ فلم يَرْجِعْ وَلَوْ كانت فَرْضًا لَرَجَعَ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا يُطْلِقُونَ اسْمَ السُّنَّةِ عليها إمَّا لِأَنَّ وُجُوبَهَا عُرِفَ بِالسُّنَّةِ فِعْلًا أو لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ في مَعْنَى الْوَاجِبِ وَلِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ أَدْنَى ما يَجُوزُ من الصَّلَاةِ فَوَجَبَتْ الْقَعْدَةُ فأصله بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ما يَلِيهِمَا وَالله أعلم. وَمِنْهَا التَّشَهُّدُ في الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَرْضٌ وَجْهُ قَوْلِهِ إن النبي صلى الله عليه وسلم وَاظَبَ عليه في جَمِيعِ عُمُرِهِ وَهَذَا دَلِيلُ الْفَرْضِيَّةِ وَرُوِيَ عن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ قال كنا نَقُولُ قبل أَنْ يُفْرَضَ علينا التَّشَهُّدُ السَّلَامُ على اللَّهِ السَّلَامُ على جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ فَالْتَفَتَ إلَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ أَمَرَنَا بِالتَّشَهُّدِ بِقَوْلِهِ قُولُوا وَنَصَّ على فَرْضِيَّتِهِ بِقَوْلِهِ قبل أَنْ يُفْرَضَ التَّشَهُّدُ وَلَنَا قَوْلُ النبي صلى الله عليه وسلم لِلْأَعْرَابِيِّ إذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ من آخِرِ سَجْدَةٍ وَقَعَدْتَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك أَثْبَتَ تَمَامَ الصَّلَاةِ عِنْدَ مُجَرَّدِ الْقَعْدَةِ وَلَوْ كان التَّشَهُّدُ فَرْضًا لَمَا ثَبَتَ التَّمَامُ بِدُونِهِ دَلَّ أَنَّهُ ليس بِفَرْضٍ لَكِنَّهُ وَاجِبٌ بِمُوَاظَبَةِ النبي صلى الله عليه وسلم وَمُوَاظَبَتُهُ دَلِيلُ الْوُجُوبِ فِيمَا قام دَلِيلٌ عَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ وقد قام هَهُنَا وهو ما ذَكَرْنَا فَكَانَ وَاجِبًا لَا فَرْضًا وَالله أعلم. وَالْأَمْرُ في الحديث يَدُلُّ على الْوُجُوبِ دُونَ الْفَرْضِيَّةِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلْوُجُوبِ لَا لِلْفَرْضِيَّةِ وَقَوْلُهُ قبل أَنْ يفترض [يفرض] أَيْ قبل أَنْ يُقَدَّرَ على هذا التَّقْدِيرِ الْمَعْرُوفِ إذْ الْفَرْضُ في اللُّغَةِ التَّقْدِيرُ وَمِنْهَا مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِيمَا شُرِعَ مُكَرَّرًا من الْأَفْعَالِ في الصَّلَاةِ وهو السَّجْدَةُ لِمُوَاظَبَةِ النبي صلى الله عليه وسلم على مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فيه وَقِيَامُ الدَّلِيلِ على عَدَمِ فَرَضِيَتِهِ على ما ذَكَرْنَا حتى لو تَرَكَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ من الرَّكْعَةِ الْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَهَا في آخِرِ صَلَاتِهِ سَجَدَ الْمَتْرُوكَةَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ بِتَرْكِ التَّرْتِيبِ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ سَاهِيًا فَوَجَبَ سُجُودُ السَّهْوِ وَالله الموفق.وَأَمَّا الذي ثَبَتَ وُجُوبُهُ في الصَّلَاةِ بِعَارِضٍ فَنَوْعَانِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا سُجُودُ السَّهْوِ وَالْآخَرُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ. أَمَّا سُجُودُ السَّهْوِ فَالْكَلَامُ فيه في مَوَاضِعَ في بَيَانِ وُجُوبِهِ وفي بَيَان سَبَبِ الْوُجُوبِ وفي بَيَانِ أَنَّ الْمَتْرُوكَ من الْأَفْعَالِ وَالْأَذْكَارِ سَاهِيًا هل يُقْضَى أَمْ لَا وفي بَيَانِ مَحِلِّ السُّجُودِ وفي بَيَانِ قَدْرِ سَلَامِ السَّهْوِ وَصِفَتِهِ وفي بَيَانِ عَمَلِهِ أَنَّهُ يُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ أَمْ لَا وفي بَيَانِ من يَجِبُ عليه سُجُودُ السَّهْوِ وَمَنْ لَا يَجِبُ عليه أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ وَاجِبٌ وَكَذَا نَصَّ مُحَمَّدٌ رحمه الله تعالى في الْأَصْلِ فقال إذَا سَهَا الْإِمَامُ وَجَبَ على الْمُؤْتَمِّ أَنْ يَسْجُدَ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا أنه سُنَّةٌ وَجْهُ قَوْلِهِمْ أن الْعَوْدَ إلَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَا يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ حتى لو تَكَلَّمَ بعد ما سَجَدَ لِلسَّهْوِ قبل أَنْ يَقْعُدَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَوْ كان وَاجِبًا لَرَفَعَ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ كما هو مَشْرُوعٌ في صَلَاةِ الْفَرْضِ وَالْفَائِتُ من التَّطَوُّعِ كَيْفَ يُجْبَرُ بِالْوَاجِبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِمَا رُوِيَ عن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال من شَكَّ في صَلَاتِهِ فلم يَدْرِ أَثَلَاثًا صلى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَتَحَرَّ أَقْرَبَهُ إلَى الصَّوَابِ وَلْيَبْنِ عليه وَلْيَسْجُدْ سجدتين [للسهو] بَعْدَ السَّلَامِ وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ. وَعَنْ ثَوْبَانَ رضي اللَّهُ عنه عن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ السَّلَامِ فَيَجِبُ تَحْصِيلُهُمَا تَصْدِيقًا لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم في خَبَرِهِ وَكَذَا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه [والصحابة] رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَاظَبُوا عليه وَالْمُوَاظَبَةُ دَلِيلُ الْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ شُرِعَ جَبْرًا لِنُقْصَانِ الْعِبَادَةَ فَكَانَ وَاجِبًا كَدِمَاءِ الْجَبْرِ في باب الْحَجِّ. وَهَذَا لِأَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَاجِبٌ وَلَا تَحْصُلُ صِفَةُ الْكَمَالِ إلَّا بِجَبْرِ النُّقْصَانِ فَكَانَ وَاجِبًا ضَرُورَةً إذْ لَا حُصُولَ لِلْوَاجِبِ إلَّا بِهِ إلَّا أَنَّ الْعَوْدَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ لَا يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ لَا لِأَنَّ السُّجُودَ ليس بِوَاجِبٍ بَلْ لِمَعْنًى آخَرَ وهو أَنَّ السُّجُودَ وَقَعَ في مَحَلِّهِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ الْقَعْدَةِ فَالْعَوْدُ إلَيْهِ لَا يَكُونُ رَافِعًا لِلْقَعْدَةِ الْوَاقِعَةِ في مَحَلِّهَا فَأَمَّا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ فَمَحَلُّهَا قبل الْقَعْدَةِ فَالْعَوْدُ إلَيْهَا يَرْفَعُ الْقَعْدَةَ كَالْعَوْدِ إلَى السَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ فَهُوَ الْفَرْقُ أَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ له مَدْخَلًا في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فَنَقُولُ أَصْلُ الصَّلَاةِ وَإِنْ كانت تَطَوُّعًا لَكِنَّ لها أَرْكَانٌ لَا تَقُومُ بِدُونِهَا وَوَاجِبَاتٌ تَنْتَقِصُ بِفَوَاتِهَا وَتَغْيِيرِهَا عن مَحَلِّهَا فَيُحْتَاجُ إلَى الْجَابِرِ مع ما أَنَّ النَّفَلَ يَصِيرُ وَاجِبًا عِنْدَنَا بِالشُّرُوعِ وَيَلْتَحِقُ بِالْوَاجِبَاتِ الْأَصْلِيَّةِ في حَقِّ الْأَحْكَامِ على ما يُبَيَّنُ في موضعه [مواضعه] إن شاء الله تعالى. وَأَمَّا بَيَانُ سَبَبِ الْوُجُوبِ فَسَبَبُ وُجُوبِهِ تَرْكُ الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ في الصَّلَاةِ أو تَغْيِيرُهُ أو تَغْيِيرُ فَرْضٍ منها عن مَحَلِّهِ الْأَصْلِيِّ سَاهِيًا لِأَنَّ كُلَّ ذلك يُوجِبُ نُقْصَانًا في الصَّلَاةِ فَيَجِبُ جَبْرُهُ بِالسُّجُودِ وَيَخْرُجُ على هذا الْأَصْلِ مَسَائِلُ وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فيه أَنَّ الذي وَقَعَ السَّهْوُ عنه لَا يَخْلُو إما إنْ كان من الْأَفْعَالِ وإما إنْ كان من الْأَذْكَارِ إذْ الصَّلَاةُ أَفْعَالٌ وَأَذْكَارٌ فَإِنْ كان من الْأَفْعَالِ بِأَنْ قَعَدَ في مَوْضِعِ الْقِيَامِ أو قام في مَوْضِعَ الْقُعُودِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ لِوُجُودِ تَغْيِيرِ الْفَرْضِ وهو تَأْخِيرُ الْقِيَامِ عن وَقْتِهِ أو تَقْدِيمُهُ على وَقْتِهِ مع تَرْكِ الْوَاجِبِ وهو الْقَعْدَةُ الْأُولَى وقد رُوِيَ عن الْمُغِيرَةَ بن شُعْبَةَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قام من الثَّانِيَةِ إلَى الثَّالِثَةِ سَاهِيًا فَسَبَّحُوا بِهِ ولم [فلم] يَقْعُدْ فَسَبَّحُوا بِهِ فلم يُعِدْ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَكَذَا إذَا رَكَعَ في مَوْضِعِ السُّجُودِ أو سَجَدَ في مَوْضِعِ الرُّكُوعِ أو رَكَعَ رُكُوعَيْنِ أو سَجَدَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ لِوُجُودِ تَغْيِيرِ الْفَرْضِ عن مَحَلِّهِ أو تَأْخِيرِ الْوَاجِبِ وَكَذَا إذَا تَرَكَ سَجْدَةً من رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا في آخِرِ الصَّلَاةِ سَجَدَهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ أَخَّرَهَا عن مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ وَكَذَا إذَا قام إلَى الْخَامِسَةِ قبل أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أو بعدما قَعَدَ وَعَادَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ لِوُجُودِ تَأْخِيرِ الْفَرْضِ عن وَقْتِهِ الْأَصْلِيِّ وهو الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ أو تَأْخِيرُ الْوَاجِبِ وهو السَّلَامُ وَلَوْ زَادَ على قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ في الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَصَلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ في أَمَالِي الْحَسَنِ بن زِيَادٍ عن أبي حَنِيفَةَ أَنَّ عليه سُجُودَ السَّهْوِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجِبُ لَهُمَا أَنَّهُ لو وَجَبَ عليه سُجُودُ السَّهْوِ لَوَجَبَ لجبر [جبر] النُّقْصَانِ لِأَنَّهُ شُرِعَ له وَلَا يُعْقَلُ تَمَكُّنُ النُّقْصَانِ في الصَّلَاةِ بِالصَّلَاةِ على النبي صلى الله عليه وسلم وأبو حَنِيفَةَ يقول لَا يَجِبُ عليه بِالصَّلَاةِ على النبي صلى الله عليه وسلم بَلْ بِتَأْخِيرِ الْفَرْضِ وهو الْقِيَامُ إلَّا أَنَّ التَّأْخِيرَ حَصَلَ بِالصَّلَاةِ فَيَجِبُ عليه من حَيْثُ أنه تَأْخِيرٌ لَا من حَيْثُ أنه صَلَاةٌ على النبي صلى الله عليه وسلم وَلَوْ تَلَا سَجْدَةً فَنَسِيَ أَنْ يسجدها [يسجد] ثُمَّ تَذَكَّرَهَا في آخِرِ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ أَخَّرَ الْوَاجِبَ عن وَقْتِهِ وَلَوْ سَلَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرِ على رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ على ظَنِّ أَنَّهُ قد أَتَمَّهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صلى رَكْعَتَيْنِ وهو على مَكَانِهِ يُتِمُّهَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ أَمَّا الْإِتْمَامُ فَلِأَنَّهُ سَلَامُ سَهْوٍ فَلَا يُخْرِجُهُ عن الصَّلَاةِ وَأَمَّا وُجُوبُ السَّجْدَةِ فَلِتَأْخِيرِ الْفَرْضِ وهو الْقِيَامُ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي بِخِلَافِ ما إذَا سَلَّمَ على رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ على ظَنِّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أو مُصَلِّي الْجُمُعَةِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ هذا الظَّنَّ نَادِرٌ فَكَانَ سَلَامُهُ سَلَامَ عَمْدٍ وَأَنَّهُ قَاطِعٌ لِلصَّلَاةِ. وَلَوْ تَرَكَ تَعْدِيلَ الْأَرْكَانِ أو [والقومة] القومة التي بين الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أو الْقَعْدَةَ التي بين السَّجْدَتَيْنِ سَاهِيًا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فيه على قَوْلِ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ بِنَاءً على أَنَّ تَعْدِيلَ الْأَرْكَانِ عِنْدَهُمَا وَاجِبٌ أو سُنَّةٌ وقد بَيَّنَّا ذلك فِيمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى هذا إذَا شَكَّ في شَيْءٍ من صَلَاتِهِ فَتَفَكَّرَ في ذلك حتى اسْتَيْقَنَ وهو على وَجْهَيْنِ أما إنْ شَكَّ في شَيْءٍ من هذه الصَّلَاةِ التي هو فيها فَتَفَكَّرَ في ذلك وأما إنْ شَكَّ في صَلَاةٍ قبل هذه الصَّلَاةِ فَتَفَكَّرَ في ذلك وهو في هذه وَكُلُّ وَجْهٍ على وَجْهَيْنِ إما أن طَالَ تَفَكُّرُهُ بِأَنْ كان مِقْدَارُ ما يُمْكِنهُ أَنْ يُؤَدِّيَ فيه رُكْنًا من أَرْكَانِ الصَّلَاةِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أو لم يَطُلْ فَإِنْ لم يَطُلْ تَفَكُّرُهُ فَلَا سَهْوَ عليه سَوَاءٌ كان تَفَكُّرُهُ في غَيْرِ هذه الصَّلَاةِ أو في هذه الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ إذَا لم يَطُلْ لم يُوجَدْ سَبَبُ الْوُجُوبِ الْأَصْلِيِّ وهو تَرْكُ الْوَاجِبِ أو تَغْيِيرُ فَرْضٍ أو وَاجِبٍ عن وَقْتِهِ الْأَصْلِيِّ وَلِأَنَّ الْفِكْرَ الْقَلِيلَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عنه فَكَانَ عَفْوًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَإِنْ طَالَ تَفَكُّرُهُ فَإِنْ كان تَفَكُّرُهُ في غَيْرِ هذه الصَّلَاةِ فَلَا سَهْوَ عليه وَإِنْ كان في هذه الصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ في الْقِيَاسِ وفي الِاسْتِحْسَانِ عليه السَّهْوُ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلسَّهْوِ تمكن [يمكن] النُّقْصَانُ في الصَّلَاةِ ولم يُوجَدْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ أَدَّاهَا فَبَقِيَ مُجَرَّدُ الْفِكْرِ وَأَنَّهُ لَا يُوجِبُ السَّهْوَ كَالْفِكْرِ الْقَلِيلِ وَكَمَا لو شَكَّ في صَلَاةٍ أُخْرَى وهو في هذه الصَّلَاةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ أَدَّاهَا لَا سَهْوَ عليه وَإِنْ طَالَ فِكْرُهُ كَذَا هذا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْفِكْرَ الطَّوِيلَ في هذه الصَّلَاةِ مِمَّا يُؤَخِّرُ الْأَرْكَانَ عن أَوْقَاتِهَا فَيُوجِبُ تَمَكُّنَ النُّقْصَانِ في الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ من جَبْرِهِ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ بِخِلَافِ الْفِكْرِ الْقَصِيرِ وَبِخِلَافِ ما إذَا شَكَّ في صَلَاةٍ أُخْرَى وهو في هذه الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلسَّهْوِ في هذه الصَّلَاةِ سَهْوُ هذه الصَّلَاةِ لَا سَهْوُ صَلَاةٍ أُخْرَى وَلَوْ شَكَّ في سُجُودِ السَّهْوِ يَتَحَرَّى وَلَا يَسْجُدُ لِهَذَا السَّهْوِ لِأَنَّ تَكْرَارَ سُجُودِ السَّهْوِ في صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرُ مَشْرُوعٍ على ما نَذْكُرُ وَلِأَنَّهُ لو سَجَدَ لَا يَسْلَمُ عن السَّهْوِ فيه ثَانِيًا وَثَالِثًا فَيُؤَدِّي إلَى ما لَا يَتَنَاهَى وَحُكِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بن الْحَسَنِ قال لِلْكِسَائِيِّ وكان الْكِسَائِيُّ ابْنَ خَالَتِهِ لِمَ لَا تَشْتَغِلُ بِالْفِقْهِ مع هذا الْخَاطِرِ فقال من أَحْكَمَ عِلْمًا فَذَاكَ يَهْدِيهِ إلَى سَائِرِ الْعُلُومِ فقال مُحَمَّدٌ أنا أُلْقِي عَلَيْك شيئا من مَسَائِلِ الْفِقْهِ فَخَرِّجْ جَوَابَهُ من النَّحْوِ فقال هَاتِ قال فما تَقُولُ فِيمَنْ سَهَا في سُجُودِ السَّهْوِ فَتَفَكَّرَ سَاعَةً ثُمَّ قال لَا سَهْوَ عليه فقال من أَيِّ باب من النَّحْوِ خَرَّجْتَ هذا الْجَوَابَ فقال من باب أَنَّهُ لَا يُصَغَّرُ الْمُصَغَّرُ فَتَحَيَّرَ من فِطْنَتِهِ وَلَوْ شَرَعَ في الظُّهْرِ ثُمَّ تَوَهَّمَ أَنَّهُ في الْعَصْرِ فصلى على ذلك الْوَهْمِ رَكْعَةً أو رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ في الظُّهْرِ فَلَا سَهْوَ عليه لِأَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ شَرْطُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ لَا شَرْطُ بَقَائِهَا كَأَصْلِ النِّيَّةِ فلم يُوجَدْ تَغْيِيرُ فَرْضٍ وَلَا تَرْكُ وَاجِبٍ فَإِنْ تَفَكَّرَ في ذلك تَفَكُّرًا شَغَلَهُ عن رُكْنٍ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ اسْتِحْسَانًا على ما مَرَّ وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَرَأَ ثُمَّ شَكَّ في تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فَأَعَادَ التَّكْبِيرَ وَالْقِرَاءَةَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كان كَبَّرَ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّهُ بِزِيَادَةِ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ أَخَّرَ رُكْنًا وهو الرُّكُوعُ ثُمَّ لَا فَرْقَ بين ما إذَا شَكَّ في خِلَالِ صَلَاتِهِ فَتَفَكَّرَ حتى اسْتَيْقَنَ وَبَيْنَ ما إذَا شَكَّ في آخِرِ صَلَاتِهِ بعدما قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ في حَقِّ وُجُوبِ السَّجْدَةِ لِأَنَّهُ أَخَّرَ الْوَاجِبَ وهو السَّلَامُ وَلَوْ شَكَّ بعدما سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً ثُمَّ اسْتَيْقَنَ لَا سَهْوَ عليه لِأَنَّهُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى خَرَجَ عن الصَّلَاةِ وَانْعَدَمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَنْقِيصُهَا بِتَفْوِيتِ وَاجِبٍ منها فَاسْتَحَالَ إيجَابُ الْجَابِرِ وَكَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ما إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ في الصَّلَاةِ فَعَادَ إلَى الْوُضُوءِ ثُمَّ شَكَّ قبل أَنْ يَعُودَ إلَى الصَّلَاةِ فَتَفَكَّرَ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ حتى يَجِبَ عليه سُجُودُ السَّهْوِ في الْحَالَيْنِ جميعا إذَا طَالَ تَفَكُّرُهُ لِأَنَّهُ في حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كان غير مُؤَدٍّ لها وَاَللَّهُ تعالى أَعْلَمُ. هذا الذي ذَكَرْنَا حُكْمُ الشَّكِّ في الصَّلَاةِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَأَمَّا حُكْمُ الشَّكِّ في الصَّلَاةِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْبِنَاءِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَنَقُولُ إذَا سَهَا في صَلَاتِهِ فلم يَدْرِ أَثَلَاثًا صلى أَمْ أَرْبَعًا فَإِنْ كان ذلك أَوَّلَ ما سَهَا اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أول ما سَهَا أَنَّ السَّهْوَ لم يَصِرْ عَادَةً له لَا أَنَّهُ لم يَسْهُ في عُمُرِهِ قَطُّ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَبْنِي على الْأَقَلِّ. احْتَجَّ بِمَا رَوَى أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي اللَّهُ عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال إذَا شَكَّ أحدكم في صَلَاتِهِ فلم يَدْرِ أَثَلَاثًا صلى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَلْغِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ على الْأَقَلِّ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ على الْأَقَلِّ من غَيْرِ فصل وَلِأَنَّ فِيمَا قُلْنَا أَخْذًا بِالْيَقِينِ من غَيْرِ إبْطَالِ الْعَمَلِ فَكَانَ أَوْلَى وَلَنَا ما رَوَى عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال إذَا شَكَّ أحدكم في صَلَاتِهِ أَنَّهُ كَمْ صلى فَلِيَسْتَقْبِلْ الصَّلَاةَ أَمَرَ بِالِاسْتِقْبَالِ وَكَذَا رُوِيَ عن عبد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بن عُمَر وَعَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قالوا هَكَذَا وروى عَنْهُمْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلِأَنَّهُ لو اسْتَقْبَلَ أَدَّى الْفَرْضَ بِيَقِينٍ كَامِلًا وَلَوْ بَنَى على الْأَقَلِّ ما أَدَّاهُ كَامِلًا لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُؤَدِّي زِيَادَةً على الْمَفْرُوضِ وَإِدْخَالُ الزِّيَادَةِ في الصَّلَاةِ نُقْصَانٌ فيها وَرُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى إفْسَادِ الصَّلَاةِ بِأَنْ كان أَدَّى أَرْبَعًا وَظَنَّ أَنَّهُ أَدَّى ثَلَاثًا فَبَنَى على الْأَقَلِّ وَأَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى قبل أَنْ يَقْعُدَ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ ليس إبْطَالًا لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ الْإِفْسَادَ لِيُؤَدِّيَ أَكْمَلَ لَا يُعَدُّ إفْسَادًا وَالْإِكْمَالُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالِاسْتِقْبَالِ على ما مَرَّ وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ على ما إذَا وَقَعَ ذلك له مِرَارًا ولم يَقَعْ تَحَرِّيهِ على شَيْءٍ بِدَلِيلِ ما رَوَيْنَا هذا إذَا كان ذلك أَوَّلَ ما سَهَا فَإِنْ كان يَعْرِضُ له ذلك كَثِيرًا تَحَرَّى وَبَنَى على ما وَقَعَ عليه التَّحَرِّي في ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَرَوَى الْحَسَنُ عن أبي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَبْنِي على الْأَقَلِّ وهو قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِمَا رَوَيْنَا في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى من غَيْرِ فصل وَلِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى التَّحَرِّي لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هَهُنَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْيَقِينِ بِدُونِهِ بِأَنْ يَبْنِيَ على الْأَقَلِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحَرِّي وَلَنَا ما رُوِيَ عن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال إذَا شَكَّ أحدكم في صَلَاتِهِ فلم يَدْرِ أَثَلَاثًا صلى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَتَحَرَّ أَقْرَبَهُ إلَى الصَّوَابِ وَلْيَبْنِ عليه وَلِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عليه الْوُصُولُ إلَى ما اشْتَبَهَ عليه بِدَلِيلٍ من الدَّلَائِلِ وَالتَّحَرِّي عِنْدَ انْعِدَامِ الْأَدِلَّةِ مَشْرُوعٌ كما في أَمْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِقْبَالِ لِأَنَّهُ عَسَى أَنْ يَقَعَ ثَانِيًا وَكَذَا الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إلَى ما لَا يَتَنَاهَى وَلَا وَجْهَ لِلْبِنَاءِ على الْأَقَلِّ لِأَنَّ ذلك لَا يُوَصِّلهُ إلَى ما عليه لِمَا مَرَّ في الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وما رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مَحْمُولٌ على ما إذَا تَحَرَّى ولم يَقَعْ تَحَرِّيهِ على شَيْءٍ وَعِنْدَنَا إذَا تَحَرَّى ولم يَقَعْ تَحَرِّيهِ على شَيْءٍ يَبْنِي على الْأَقَلِّ وَكَيْفِيَّةُ الْبِنَاءِ على الْأَقَلِّ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الشَّكُّ في الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ يجعلهما [يجعلها] رَكْعَةً وَاحِدَةً وإذا وَقَعَ الشَّكُّ في الركعة [الركعتين] والركعتين والثلاث [الثلاث] جَعَلَهَا رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ وَقَعَ في الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ جَعَلَهَا ثَلَاثًا وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ على ذلك وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَشَهَّدَ لَا مَحَالَةَ في كل مَوْضِعٍ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ آخِرَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ فَرْضٌ وَالِاشْتِغَالُ بِالنَّفْلِ قبل إكْمَالِ الْفَرْضِ مُفْسِدٌ له فَلِذَلِكَ يَقْعُدُ وَأَمَّا الشَّكُّ في أَرْكَانِ الْحَجِّ ذَكَرَ الْجَصَّاصُ أَنَّ ذلك إنْ كان يَكْثُرُ يَتَحَرَّى أَيْضًا كما في باب الصَّلَاةِ وفي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ وَالْفَرْقُ إن الزِّيَادَةَ في باب الْحَجِّ وَتَكْرَارَ الرُّكْنِ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ فَأَمْكَنَ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ فَأَمَّا الزِّيَادَةُ في باب الصَّلَاةِ إذَا كانت الركعة [ركعة] فَإِنَّهَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ إذَا وُجِدَتْ قبل الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَكَانَ الْعَمَلُ بِالتَّحَرِّي أَحْوَطَ من الْبِنَاءِ على الْأَقَلِّ وَأَمَّا الْأَذْكَارُ فَالْأَذْكَارُ التي يَتَعَلَّقُ سُجُودُ السَّهْوِ بها أَرْبَعَةٌ الْقِرَاءَةُ وَالْقُنُوتُ وَالتَّشَهُّدُ وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ. أَمَّا الْقِرَاءَةُ فإذا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ في الْأُولَيَيْنِ قَرَأَ في الْأُخْرَيَيْنِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ في الْأُولَيَيْنِ على التَّعْيِينِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا وَإِنَّمَا الْفَرْضُ في رَكْعَتَيْنِ منها غَيْرِ عَيْنٍ وَتَرْكُ الْوَاجِبِ سَاهِيًا يُوجِبُ السَّهْوَ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هِيَ فَرْضٌ في الْأُولَيَيْنِ عَيْنًا وَتَكُونُ الْقِرَاءَةُ في الْأُخْرَيَيْنِ عِنْدَ تَرْكِهَا في الْأُولَيَيْنِ قَضَاءً عن الأوليين فإذا تَرَكَهَا في الْأُولَيَيْنِ أو في إحْدَاهُمَا فَقَدْ غَيَّرَ الْفَرْضَ عن مَحَلِّ أَدَائِهِ سَهْوًا فَيَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَلَوْ سَهَا عن الْفَاتِحَةِ فِيهِمَا أو في إحْدَاهُمَا أو عن السُّورَةِ فِيهِمَا أو في إحْدَاهُمَا فَعَلَيْهِ السَّهْوُ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ على التَّعْيِينِ في الْأُولَيَيْنِ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَرْضٌ على ما بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا قِرَاءَةُ السُّورَةِ على التَّعْيِينِ أو قِرَاءَةُ مِقْدَارِ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَهِيَ ثَلَاثَ آيَاتٍ وَاجِبَةٌ فَيَتَعَلَّقُ السُّجُودُ بِالسَّهْوِ عنهما وَلَوْ غَيَّرَ صِفَةَ الْقِرَاءَةِ سَهْوًا بِأَنْ جَهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ أو خَافَتَ فِيمَا يُجْهَرُ فَهَذَا على وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ كان إمَامًا أو مُنْفَرِدًا فَإِنْ كان إمَامًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا سَهْوَ عليه وَجْهُ قَوْلِهِ إن الْجَهْرَ وَالْمُخَافَتَةَ من هَيْئَةِ الرُّكْنِ وهو الْقِرَاءَةُ فَيَكُونُ سُنَّةً كَهَيْئَةِ كل رُكْنٍ نحو الْأَخْذِ بِالرُّكَبِ وَهَيْئَةِ الْقَعْدَةِ وَلَنَا أَنَّ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ وَالْمُخَافَتَةَ فِيمَا يُخَافَتُ وَاجِبَةٌ على الْإِمَامِ لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عن أَصْحَابِنَا في مِقْدَارِ ما يَتَعَلَّقُ بِهِ سُجُودُ السَّهْوِ من الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ ذُكِرَ في نَوَادِرِ أبي سُلَيْمَانَ وَفصل بين الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ في الْمِقْدَارِ فقال إنْ جَهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ قَلَّ ذلك أو كَثُرَ وَإِنْ خَافَتَ فِيمَا يُجْهَرُ فَإِنْ كان في أَكْثَرِ الْفَاتِحَةِ أو في ثَلَاثِ آيَاتٍ من غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَإِلَّا فَلَا وَرَوَى ابن سِمَاعَةَ عن مُحَمَّدٍ التَّسْوِيَةَ بين الْفصليْنِ أَنَّهُ إنْ تَمَكَّنَ التَّغْيِيرَ في ثَلَاثِ آيَاتٍ أو أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِلَّا فَلَا وَرَوَى الْحَسَنُ عن أبي حَنِيفَةَ إنْ تَمَكَّنَ التَّغْيِيرَ في آيَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَيْهِ السُّجُودُ وَرُوِيَ عن أبي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا جَهَرَ بِحَرْفٍ يَسْجُدُ وَجْهُ رِوَايَةِ أبي سُلَيْمَانَ أَنَّ الْمُخَافَتَةَ فِيمَا يُخَافَتُ أَلْزَمُ من الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَتَخَيَّرُ بين الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ وَلَا خِيَارَ له فِيمَا يُخَافَتُ فإذا جَهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ فَقَدْ تَمَكَّنَ النُّقْصَانُ في الصَّلَاةِ بِنَفْسِ الْجَهْرِ فَيَجِبُ جَبْرُهُ بِالسُّجُودِ فَأَمَّا بِنَفْسِ الْمُخَافَتَةِ فِيمَا يُجْهَرُ فَلَا يَتَمَكَّنُ النُّقْصَانُ ما لم يَكُنْ مِقْدَارَ ثلاثة [ثلاث] آيَاتٍ أو أَكْثَرَ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ ما رُوِيَ عن أبي قَتَادَةَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسْمِعُنَا الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ أَحْيَانًا في الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَهَذَا جَهْرٌ فِيمَا يُخَافَتُ فإذا ثَبَتَ فيه ثَبَتَ في الْمُخَافَتَةِ فِيمَا يُجْهَرُ لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ ثُمَّ لَمَّا وَرَدَ الْحَدِيثُ مُقَدَّرًا بِآيَةٍ أو آيَتَيْنِ ولم يَرِدْ بِأَزْيَدَ من ذلك كانت الزِّيَادَةُ تَرْكًا لِلْوَاجِبِ فَيُوجِبُ السَّهْوَ وَجْهُ رِوَايَةِ الْحَسَنِ بِنَاءً على أَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَة عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ يَتَأَدَّى بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كانت قَصِيرَةً فإذا غَيَّرَ صِفَةَ الْقِرَاءَةِ في هذا الْقَدْرِ تَعَلَّقَ بِهِ السَّهْوُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَتَأَدَّى فَرْضُ الْقِرَاءَةِ إلَّا بِآيَةٍ طَوِيلَةٍ أو ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ فما لم يَتَمَكَّنْ التَّغْيِيرَ في هذا الْمِقْدَارِ لَا يَجِبُ السَّهْوُ هذا إذَا كان إمَامًا فَأَمَّا إذَا كان مُنْفَرِدًا فَلَا سَهْوَ عليه أَمَّا إذَا خَافَتَ فِيمَا يُجْهَرُ فَلَا شَكَّ فيه لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بين الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَهْرَ على الْإِمَامِ إنَّمَا وَجَبَ تَحْصِيلًا لِثَمَرَةِ الْقِرَاءَةِ في حَقِّ الْمُقْتَدِي وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ في حَقِّ الْمُنْفَرِدِ فلم يَجِبْ الْجَهْرُ فَلَا يَتَمَكَّنُ النَّقْصُ في الصَّلَاةِ بِتَرْكِهِ وَكَذَا إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ لِأَنَّ الْمُخَافَتَةَ في الْأَصْلِ إنَّمَا وَجَبَتْ صِيَانَةً لِلْقِرَاءَةِ عن الْمُغَالَبَةِ وَاللَّغْوِ فيها لِأَنَّ صِيَانَةَ الْقِرَاءَةِ عن ذلك وَاجِبَةٌ وَذَلِكَ في الصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ على طَرِيقِ الِاشْتِهَارِ وَهِيَ الصَّلَاةُ بِجَمَاعَةٍ فَأَمَّا صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فما كان يُوجَدُ فيها الْمُغَالَبَةُ فلم تَكُنْ الصِّيَانَةُ بِالْمُخَافَتَةِ وَاجِبَةً فلم يَتْرُكْ الْوَاجِبَ فَلَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً فَأَخْطَأَ وَقَرَأَ غَيْرَهَا لَا سَهْوَ عليه لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وهو تَغْيِيرُ فَرْضٍ أو وَاجِبٍ أو تَرْكُهُ إذْ لَا تَوْقِيتَ في الْقِرَاءَةِ وَرُوِيَ عن مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قال فِيمَنْ قَرَأَ الْحَمْدُ مَرَّتَيْنِ في الْأُولَيَيْنِ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ لِأَنَّهُ أَخَّرَ السُّورَةَ بِتَكْرَارِ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ قَرَأَ الْحَمْدُ ثُمَّ السُّورَةَ ثُمَّ الْحَمْدُ لَا سَهْوَ عليه وَصَارَ كَأَنَّهُ قَرَأَ سُورَةً طَوِيلَةً (ولو قرأ الحمد في الأخريين مرتين لا سهو عليه) وَلَوْ تَشَهَّدَ مَرَّتَيْنِ لَا سَهْوَ عليه وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ في رُكُوعِهِ أو في سُجُودِهِ أو في قِيَامِهِ لَا سَهْوَ عليه لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَهَذِهِ الْأَرْكَانُ مَوَاضِعُ الثَّنَاءِ وَأَمَّا الْقُنُوتُ فَتَرْكُهُ سَهْوًا يُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِمَا نَذْكُرُ في مَوْضِعِهِ إن شاء الله تعالى. وَكَذَلِكَ تَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ إذَا تَرَكَهَا أو نَقَصَ منها لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَكَذَا إذَا زَادَ عليها أو أتى بها في غَيْرِ مَوْضِعِهَا لِأَنَّهُ يَحْصُلُ تَغْيِيرُ فَرْضٍ أو وَاجِبٍ وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ إذَا سَهَا عنها في الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا قبل السَّلَامِ أو بَعْدَ ما سَلَّمَ سَاهِيًا قَرَأَهَا وسلم وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَأَمَّا في الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَكَذَلِكَ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ في هذا وَقُنُوتِ الْوِتْرِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ سَوَاءٌ وَلَا سَهْوَ عليه لِأَنَّ هذه الْأَذْكَارَ سُنَّةٌ وَلَا يَتَمَكَّنُ بِتَرْكِهَا كَبِيرُ نُقْصَانٍ في الصَّلَاةِ فَلَا يُوجِبُ السَّهْوَ كما إذَا تَرَكَ الثَّنَاءَ وَالتَّعَوُّذَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هذه الْأَذْكَارَ وَاجِبَةٌ أَمَّا وُجُوبُ الْقُنُوتِ وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ فَلِمَا يُذْكَرُ في مَوْضِعِهِ وَأَمَّا وُجُوبُ التَّشَهُّدِ في الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَلِمُوَاظَبَةِ النبي صلى الله عليه وسلم على قِرَاءَتِهِ ومواضبة [ومواظبة] الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ على قراءته وَأَمَّا سَائِرُ الْأَذْكَارِ من الثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ وَتَكْبِيرَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَتَسْبِيحَاتِهِمَا فَلَا سَهْوَ فيها عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وقال مَالِكٌ إذَا سَهَا عن ثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ قِيَاسًا على تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ وَهَذَا الْقِيَاسُ عِنْدَنَا غَيْرُ سَدِيدٍ لِأَنَّ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَاجِبَةٌ لِمَا يُذْكَرُ فَجَازَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بها السَّهْوُ بِخِلَافِ تَكْبِيرَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهَا من السُّنَنِ وَنُقْصَانُ السُّنَّةِ لَا يُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ وَاجِبٌ وَلَا يَجِبُ جَبْرُ الشَّيْءِ بِمَا هو فَوْقَ الْفَائِتِ بِخِلَافِ الْوَاجِبِ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَنْجَبِرُ بمثله وَلِهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ السَّهْوُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عَمْدًا لِأَنَّ النَّقْصَ الْمُتَمَكِّنَ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عَمْدًا فَوْقَ النَّقْصِ الْمُتَمَكِّنِ بِتَرْكِهِ سَهْوًا وَالشَّرْعُ لَمَّا جَعَلَ السُّجُودَ جَابِرًا لِمَا فَاتَ سَهْوًا كان مِثْلًا لِلْفَائِتِ سَهْوًا وإذا كان مِثْلًا لِلْفَائِتِ سَهْوًا كان دُونَ ما فَاتَ عَمْدًا وَالشَّيْءُ لَا يَنْجَبِرُ بِمَا هو دُونَهُ وَلِهَذَا لَا يَنْجَبِرُ بِهِ النَّقْصُ الْمُتَمَكِّنُ بِفَوَاتِ الْفَرْضِ. وَلَوْ سَلَّمَ عن يَسَارِهِ قبل سَلَامِهِ عن يَمِينِهِ فَلَا سَهْوَ عليه لِأَنَّ التَّرْتِيبَ في السَّلَامِ من باب السُّنَنِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَلَوْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا سَهْوَ عليه لِأَنَّهُ لم يَتْرُكْ وَاجِبًا من وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَلَوْ سَهَا في صَلَاتِهِ مِرَارًا لَا يَجِبُ عليه إلَّا سَجْدَتَانِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ لِقَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ السَّلَامِ» وَلِأَنَّ كُلَّ سَهْوٍ أَوْجَبَ نُقْصَانًا فَيَسْتَدْعِي جَابِرًا وَلَنَا ما رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال سَجْدَتَانِ تُجْزِيَانِ لِكُلِّ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ. وَرُوِيَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأُولَى وَسَجَدَ لها سَجْدَتَيْنِ وكان سَهَا عن الْقَعْدَةِ وَعَنْ التَّشَهُّدِ حَيْثُ تَرَكَهُمَا وَعَنْ الْقِيَامِ حَيْثُ أتى بِهِ في غَيْرِ مَحَلِّهِ ثُمَّ لم يَزِدْ على سَجْدَتَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ السَّجْدَتَيْنِ كَافِيَتَانِ وَلِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ إنَّمَا أُخِّرَ عن مَحَلِّ النُّقْصَانِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ لِئَلَّا يُحْتَاجَ إلَى تَكْرَارِهِ لوقوع السَّهْوُ بَعْدَ ذلك وَإِلَّا لم يَكُنْ لِلتَّأْخِيرِ مَعْنًى وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ على جِنْسِ السَّهْوِ الْمَوْجُودِ في صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لَا أَنَّهُ عَيْنُ السَّهْوِ بِدَلِيلِ ما ذَكَرْنَا. وَأَمَّا بَيَانُ الْمَتْرُوكِ سَاهِيًا هل يقضي أَمْ لَا فنقول [نقول] وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ إنَّ الْمَتْرُوكَ الذي يَتَعَلَّقُ بِهِ سُجُودُ السَّهْوِ من الْفَرَائِضِ والواجب [والواجبات] لَا يَخْلُو إمَّا إن كان من الْأَفْعَالِ أو من الْأَذْكَارِ وَمِنْ أَيِّ الْقِسْمَيْنِ كان واجبا [وجب] أَنْ يَقْضِيَ إنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ بِالْقَضَاءِ وَإِنْ لم يُمْكِنْ فَإِنْ كان الْمَتْرُوكُ فَرْضًا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ وَإِنْ كان وَاجِبًا لَا تَفْسُدُ وَلَكِنْ تُنْتَقَصُ وَتَدْخُلُ في حَدِّ الْكَرَاهَةِ وَبَيَانُ هذه الْجُمْلَةِ أَمَّا الْأَفْعَالُ فإذا تَرَكَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً من رَكْعَةٍ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا آخِرَ الصَّلَاةِ قَضَاهَا وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا وقال الشَّافِعِيُّ يَقْضِيهَا وَيَقْضِي ما بَعْدَهَا وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ ما صلى بَعْدَ الْمَتْرُوكِ حَصَلَ قبل أَوَانِهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّ هذه عِبَادَةٌ شُرِعَتْ مُرَتَّبَةً فَلَا تُعْتَبَرُ بِدُونِ التَّرْتِيبِ كما لو قَدَّمَ السُّجُودَ على الرُّكُوعِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالسُّجُودِ لِمَا قُلْنَا كَذَا هذا وَلَنَا أَنَّ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ صَادَفَتْ مَحَلَّهَا لِأَنَّ مَحَلَّهَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وقد وُجِدَتْ الرَّكْعَةُ الْأُولَى لِأَنَّ الرَّكْعَةَ تَتَقَيَّدُ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا الثَّانِيَةُ تَكْرَارٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْطَلِقُ عليها اسْمُ الصَّلَاةِ حتى لو حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَقَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ يَحْنَثُ فَكَانَ أَدَاءُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مُعْتَبَرًا مُعْتَدًّا بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَضَاءُ الْمَتْرُوكِ بِخِلَافِ ما إذَا قَدَّمَ السُّجُودَ على الرُّكُوعِ لِأَنَّ السُّجُودَ ما صَادَفَ مَحَلَّهُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ لِتَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَةُ بِدُونِ الرُّكُوعِ لَا تَتَحَقَّقُ فلم يَقَعْ مُعْتَدًّا بِهِ فَهُوَ الْفَرْقُ وَعَلَى هذا الْخِلَافِ إذَا تَذَكَّرَ سَجْدَتَيْنِ من رَكْعَتَيْنِ في آخِرِ الصَّلَاةِ قَضَاهُمَا وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا وَيَبْدَأُ بِالْأُولَى مِنْهُمَا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ على حَسَبِ الْأَدَاءِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ مُرَتَّبَةٌ على الْأُولَى في الْأَدَاءِ فَكَذَا في الْقَضَاءِ وَلَوْ كانت إحْدَاهُمَا سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ تَرَكَهَا من الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالْأُخْرَى صُلْبِيَّةٌ تَرَكَهَا من الثَّانِيَةِ يُرَاعِي التَّرْتِيبَ أَيْضًا فَيَبْدَأُ بِالتِّلَاوَةِ وعند عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. وقال زُفَرُ يَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا أَقْوَى وَلَنَا أَنَّ الْقَضَاءَ مُعْتَبَرٌ بِالْأَدَاءِ وقد تَقَدَّمَ وُجُوبُ التِّلَاوَةِ أَدَاءً فَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا في الْقَضَاءِ وَلَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً وهو رَاكِعٌ أو سَاجِدٌ لَخَرَّ لها من رُكُوعِهِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ من سُجُودِهِ فَسَجَدَهَا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَعُودَ إلَى حُرْمَةِ هذه الْأَرْكَانِ فَيُعِيدَهَا لِيَكُونَ على الْهَيْئَةِ الْمَسْنُونَةِ وَهِيَ التَّرْتِيبُ وَإِنْ لم يُعِدْ أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ في أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَرْضٌ عِنْدَهُ فَالْتَحَقَتْ هذه السَّجْدَةُ بِمَحَلِّهَا فَبَطَلَ ما أَدَّى من الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ وَعِنْدَنَا التَّرْتِيبُ في أَفْعَالِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ ليس بِفَرْضٍ وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْمَسْبُوقُ بِمَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فيه دُونَ ما سَبَقَهُ وَلَئِنْ كان فَرْضًا فَقَدْ سَقَطَ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ فَوَقَعَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ مُعْتَبَرًا لِمُصَادِفَتِهِ مَحَلَّهُ وَعَنْ أبي يُوسُفَ أَنَّ عليه إعَادَةَ الرُّكُوعِ إذَا خَرَّ لها من الرُّكُوعِ بِنَاءً على أَصْلِهِ أَنَّ الْقَوْمَةَ التي بين الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَرْضٌ بِخِلَافِ ما إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ في رُكُوعِهِ أو سُجُودِهِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ بَعْدَ ما أَحْدَثَ فيه لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ الْجُزْءَ الذي لاقاه الْحَدَثُ من الرُّكْنِ قد فَسَدَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفْسِدَ كُلَّ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا هذا الْقِيَاسَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ في حَقِّ جَوَازِ الْبِنَاءِ فَيُعْمَلُ بِهِ في حَقِّ الرُّكْنِ الذي أَحْدَثَ فيه وَلَوْ لم يَسْجُدْهَا حتى سَلَّمَ فَلَا يَخْلُو إمَّا إن سَلَّمَ وهو ذَاكِرٌ لها أو سَاهٍ عنها فَإِنْ سَلَّمَ وهو ذَاكِرٌ لها فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كان سَاهِيًا لَا تَفْسُدُ وَالْأَصْلُ أَنَّ السَّلَامَ الْعَمْدَ يُوجِبُ الْخُرُوجَ عن الصَّلَاةِ إلَّا سَلَامَ من عليه السَّهْوُ وَسَلَامُ السَّهْوِ لَا يُوجِبُ الْخُرُوجَ عن الصَّلَاةِ لِأَنَّ السَّلَامَ مُحَلِّلٌ في الشَّرْعِ قال النبي صلى الله عليه وسلم وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ وَالْكَلَامُ مُضَادٌّ لِلصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ مَنَعَهُ عن الْعَمَلِ حَالَةَ السَّهْوِ ضَرُورَةَ دَفْعِ الْحَرَجِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَسْلَمُ عن النِّسْيَانِ وفي حَقِّ من عليه سَهْوٌ ضَرُورَةَ التمكن [تمكنه] من سُجُودِ السَّهْوِ وَلَا ضَرُورَةَ في غَيْرِ حَالَةِ السَّهْوِ في حَقِّ من لَا سَهْوَ عليه فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ مُحَلِّلًا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ إذَا عَرَفْنَا هذا فَنَقُولُ إذَا سَلَّمَ وهو ذَاكِرٌ أَنَّ عليه سَجْدَةً صُلْبِيَّةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ سَلَامَ الْعَمْدِ قَاطِعٌ لِلصَّلَاةِ وقد بَقِيَ عليه رُكْنٌ من أَرْكَانِهَا وَلَا وُجُودَ لِلشَّيْءِ بِدُونِ رُكْنِهِ وَإِنْ كان سَاهِيًا لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْعَدَمِ ضَرُورَةَ دَفْعِ الْحَرَجِ على ما مَرَّ ثُمَّ إنْ سَلَّمَ وهو في مَكَانِهِ لم يَصْرِفْ وَجْهَهُ عن الْقِبْلَةِ ولم يَتَكَلَّمْ يعود [يعد] إلَى قَضَاءِ ما عليه وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ وإذا عَادَ إلَى السَّجْدَةِ يُتَابِعُهُ الْمُقْتَدِي فيها وَلَكِنْ لَا يَعْتَدُّ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ لِأَنَّهُ لم يُدْرِكْ الرُّكُوعَ وَيُتَابِعُهُ في التَّشَهُّدِ دُونَ التَّسْلِيمِ وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ يُتَابِعهُ في سُجُودِ السَّهْوِ فإذا سَلَّمَ الْإِمَامُ سَاهِيًا لَا يُتَابِعُهُ وَلَكِنَّهُ يَقُومُ إلَى قَضَاءِ ما سَبَقَ بِهِ وَإِنْ لم يَعُدْ الْإِمَامُ إلَى قَضَاءِ السَّجْدَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ بَقِيَ عليه رُكْنٌ من أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بَعْدَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَفَائِدَةُ صِحَّةِ اقْتِدَائِهِ بِهِ أَنَّهُ لو كان اقْتَدَى بِهِ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ في صَلَاةِ الظُّهْرِ أو الْعَصْرِ أو الْعِشَاءِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ إنْ كان الْإِمَامُ مُقِيمًا وَإِنْ كان مُسَافِرًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ وَأَمَّا إذَا صَرَفَ وَجْهَهُ عن الْقِبْلَةِ فَإِنْ كان في الْمَسْجِدِ ولم يَتَكَلَّمْ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعُودَ وهو رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ صَرْفَ الْوَجْهِ عن الْقِبْلَةِ مفسدة [مفسد] لِلصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ فَكَانَ مَانِعًا من الْبِنَاءِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَسْجِدَ كُلَّهُ في حُكْمِ مَكَان وَاحِدٍ لِأَنَّهُ مَكَانُ الصَّلَاةِ أَلَا يَرَى أَنَّهُ صَحَّ اقْتِدَاءُ من هو في الْمَسْجِدِ بِالْإِمَامِ وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ وَاخْتِلَافُ الْمَكَانِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ فَكَانَ بَقَاؤُهُ فيه كَبَقَائِهِ في مَكَانِ صَلَاتِهِ وَصَرْفُ الْوَجْهِ عن الْقِبْلَةِ مُفْسِدٌ في غَيْرِ حَالَةِ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ فَأَمَّا في حَالِ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ فَلَا بِخِلَافِ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ مُضَادٌّ لِلصَّلَاةِ فَيَسْتَوِي فيه الْحَالَانِ وَإِنْ كان خَرَجَ من الْمَسْجِدِ ثُمَّ تَذَكَّرَ لَا يعود [يعد] وَتَفْسُدْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْخُرُوجَ من مَكَانِ الصَّلَاةِ مَانِعٌ من الْبِنَاءِ وقد بَقِيَ عليه رُكْنٌ من أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَأَمَّا إذَا كان في الصَّحْرَاءِ فَإِنْ تَذَكَّرَ قبل أَنْ يُجَاوِزَ الصُّفُوفَ من خَلْفِهِ أو من قِبَلِ الْيَمِينِ أو الْيَسَارِ عَادَ إلَى قَضَاءِ ما عليه وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ ذلك الْمَوْضِعَ بِحُكْمِ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ الْتَحَقَ بِالْمَسْجِدِ وَلِهَذَا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ مَشَى أَمَامَهُ لم يُذْكَرْ في الْكتاب وَقِيلَ إنْ مَشَى قَدْرَ الصُّفُوفِ التي خَلْفَهُ عَادَ وَبَنَى وَإِلَّا فَلَا وهو مَرْوِيٌّ عن أبي يُوسُفَ اعْتِبَارًا لِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِالْآخَرِ وَقِيلَ إذَا جَاوَزَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ لَا يَعُودُ وهو الْأَصَحُّ لِأَنَّ ذلك الْقَدْرَ في حُكْمِ خُرُوجِهِ من الْمَسْجِدِ فَكَانَ مَانِعًا من الْبِنَاءِ وَهَذَا إذَا لم يَكُنْ بين يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَإِنْ كان يَعُودُ ما لم يُجَاوِزْهَا لِأَنَّ دَاخِلَ السُّتْرَةِ في حُكْمِ الْمَسْجِدِ وَالله أعلم. هذا إذَا سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ صُلْبِيَّةٌ فَإِنْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ أو قِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَإِنْ سَلَّمَ وهو ذَاكِرٌ لها سَقَطَتْ عنه لأنه سَلَامَهُ سَلَامَ عَمْدٍ فَيُخْرِجُهُ عن الصَّلَاةِ حتى لو اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ وَلَوْ ضَحِكَ قَهْقَهَةً لَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ وَلَوْ كان مُسَافِرًا فَنَوَى الْإِقَامَةَ لَا يَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لم يَبْقَ عليه رُكْنٌ من أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَكِنَّهَا تُنْتَقَصُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَإِنْ كان سَاهِيًا عنها لَا تَسْقُطُ لِأَنَّ سَلَامَ السَّهْوِ لَا يُخْرِجُ عن الصَّلَاةِ حتى يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيُنْتَقَضُ وضوؤه بِالْقَهْقَهَةِ وَيَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ لو كان مُسَافِرًا أَرْبَعًا ثُمَّ الْأَمْرُ في الْعَوْدِ إلَى قَضَاءِ السَّجْدَةِ وَقِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ على التَّفْصِيلِ الذي ذَكَرْنَا في الصُّلْبِيَّةِ غير أَنَّ هَهُنَا لو تَذَكَّرَ بَعْدَ ما خَرَجَ عن الْمَسْجِدِ أو جَاوَزَ الصُّفُوفَ سَقَطَ عنه وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْجَوَازَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَرْكَانِ وقد وُجِدَتْ إلَّا أنها تُنْتَقَصُ لِمَا بَيَّنَّا ثُمَّ الْعَوْدُ إلَى هذه الْمَتْرُوكَاتِ وَهِيَ السَّجْدَةُ الصُّلْبِيَّةُ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَقِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ حتى لو تَكَلَّمَ أو قَهْقَهَ أو أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْعَوْدِ إلَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وقد مَرَّ الْفَرْقُ وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ صُلْبِيَّةٌ وَسَجْدَتَا سَهْوٍ فَإِنْ سَلَّمَ وهو ذَاكِرٌ لَهُمَا أو لِلصُّلْبِيَّةِ خَاصَّةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ وقد بَقِيَ عليه رُكْنٌ من أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كان سَاهِيًا عنهما [عنها] وَذَاكِرًا لِلسَّهْوِ خَاصَّةً لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ أَمَّا إذَا كان سَاهِيًا عنهما فَلَا شَكَّ فيه. وَكَذَا إذَا كان ذَاكِرًا لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ سَلَامُ من عليه السَّهْوُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فَيَسْجُدَ أَوَّلًا لِلصُّلْبِيَّةِ وَيَتَشَهَّدَ لِأَنَّ تَشَهُّدَهُ اُنْتُقِضَ بِالْعَوْدِ إلَيْهَا ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالسَّهْوِ فَإِنْ كان ذَاكِرًا لَهُمَا أو لِلتِّلَاوَةِ خَاصَّةً سَقَطَتَا عنه لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ فَيُخْرِجُهُ عن الصَّلَاةِ وَلَكِنْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِمَا مَرَّ وَإِنْ كان سَاهِيًا عنهما أو ذَاكِرًا لِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ خَاصَّةً لَا يَسْقُطَانِ عنه لِأَنَّهُ سَلَامُ سَهْوٍ أو سَلَامُ من عليه السَّهْوُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ التِّلَاوَةَ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَشَهَّدَ لِمَا مَرَّ ثُمَّ يُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ صُلْبِيَّةٌ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ فَإِنْ كان سَاهِيًا عنهما يَعُودُ فيقضيهما [فيقضهما] الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَإِنْ كان ذَاكِرًا لَهُمَا أو لِلصُّلْبِيَّةِ خَاصَّةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ وَإِنْ كان ذَاكِرًا لِلتِّلَاوَةِ خَاصَّةً فَكَذَلِكَ في ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَى هذا إذَا كان عليه مع الصُّلْبِيَّةِ وَالتِّلَاوَةِ سَجْدَتَا السَّهْوِ إنْ كان سَاهِيًا عن الْكُلِّ أو ذاكر [ذاكرا] لِلسَّهْوِ خَاصَّةً لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ سَلَامُ سَهْوٍ فَيَعُودُ فَيَقْضِي الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ إنْ كانت الصُّلْبِيَّةَ أَوَّلًا بَدَأَ بها وَإِنْ كانت التِّلَاوَةُ أَوَّلًا بَدَأَ بها عِنْدَهُ خِلَافًا لِزُفَرَ على ما مَرَّ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ بَعْدَهُمَا وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَإِنْ كان ذَاكِرًا لِلصُّلْبِيَّةِ خَاصَّةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ وَإِنْ كان ذَاكِرًا لِلتِّلَاوَةِ سَاهِيًا عن الصُّلْبِيَّةِ فَكَذَلِكَ في ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى أَصْحَابُ الْإِمَامِ عن أبي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ في الْفصليْنِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ سَلَامَهُ في حَقِّ الرُّكْنِ سَلَامُ سَهْوٍ وَذَا لَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ وَبَعْضُ الطَّاعِنِينَ على مُحَمَّدٍ في هذه الْمَسْأَلَةِ قَرَّرُوا هذا الْوَجْهَ فَقَالُوا إنَّ هذا سَلَامُ سَهْوٍ في حَقِّ الرُّكْنِ وَسَلَامُ عَمْدٍ في حَقِّ الْوَاجِبِ وَسَلَامُ السَّهْوِ لَا يُخْرِجُهُ وَسَلَامُ الْعَمْدِ يُخْرِجُهُ فَوَقَعَ الشَّكُّ وَالتَّحْرِيمَةُ صَحِيحَةٌ فَلَا تَبْطُلُ بِالشَّكِّ بِخِلَافِ ما إذَا كان ذَاكِرًا لِلصُّلْبِيَّةِ غير ذَاكِرٍ لِلتِّلَاوَةِ لِأَنَّ هُنَاكَ تَرَجَّحَ جَانِبُ الرُّكْنِ على جَانِبِ الْوَاجِبِ وَفِيمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ تَرْجِيحُ جَانِبِ الْوَاجِبِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنَّ هذا الطَّعْنَ فَاسِدٌ لِأَنَّ جَانِبَ الْعَمْدِ يُخْرِجُ وَجَانِبَ الشَّكِّ مَسْكُوتٌ عنه لَا يُخْرِجُ وَلَا يَمْنَعُ غَيْرَهُ عن الْإِخْرَاجِ فَلَا يَقَعُ التَّعَارُضُ بين الْوَاجِبِ وَالرُّكْنِ وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّعَارُضُ أَنْ لو كان أَحَدُهُمَا مُخْرِجًا وَالْآخَرُ مُبْقِيًا وَهَهُنَا جَانِبُ الْوَاجِبِ يُوجِبُ الْخُرُوجَ وَجَانِبُ الرُّكْنِ لَا يُوجِبُ وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُ غَيْرَهُ عن الْإِخْرَاجِ فَأَنَّى يَقَعُ التَّعَارُضُ على أَنَّ كُلَّ سَلَامٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُخْرِجًا لِأَنَّهُ جُعِلَ مُحَلِّلًا شَرْعًا لِقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلم: «وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» وَلِأَنَّهُ من باب الْكَلَامِ على ما مَرَّ إلَّا أَنَّهُ مَنَعَ من الْإِخْرَاجِ حَالَةَ السَّهْوِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ لِكَثْرَةِ السَّهْوِ وَغَلَبَةِ النِّسْيَانِ وَلَا يُكْرَهُ سَلَامُ من عَلِمَ أَنَّ عليه الْوَاجِبَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ من حَالِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الْوَاجِبَ فَبَقِيَ مُخْرَجًا على أَصْلِ الْوَضْعِ وَلِأَنَّا لو لم نَحْكُمْ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ حتى لو أتى بِالصُّلْبِيَّةِ يَلْزَمُنَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَأْتِي بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَيْضًا لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ وهو ذَاكِرٌ لِلتِّلَاوَةِ فَكَانَ سَلَامَ عَمْدٍ في حَقِّهِ وَقِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ في هذا الْحُكْمِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ. وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّلْبِيَةُ بِأَنْ كان مُحْرِمًا وهو في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يَسْقُطُ عنه شَيْءٌ من ذلك سَوَاءٌ كان سَاهِيًا عن الْكُلِّ أو ذَاكِرًا لِلْكُلِّ لِأَنَّ مَوْضِعَ هذه الْأَشْيَاءِ بَعْدَ السَّلَامِ فإذا أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ بَدَأَ بِالسَّهْوِ ثُمَّ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ بِالتَّلْبِيَةِ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَخْتَصُّ بِتَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ وَالتَّكْبِيرُ يُؤْتَى بِهِ في حُرْمَةِ الصَّلَاةِ لَا في تَحْرِيمَتِهَا وَالتَّلْبِيَةُ لَا تَخْتَصُّ بِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ. وَلَوْ بَدَأَ بِالتَّلْبِيَةِ سَقَطَ عنه السَّهْوُ وَالتَّكْبِيرُ وَكَذَا إذَا لَبَّى بَعْدَ السَّهْوِ قبل التَّكْبِيرِ سَقَطَ عنه التَّكْبِيرُ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَخْتَصُّ بِتَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ وَالتَّكْبِيرُ يَخْتَصُّ بِحُرْمَتِهَا وقد بَطَلَ ذلك كُلُّهُ بِالتَّلْبِيَةِ لِأَنَّهَا كَلَامٌ لِكَوْنِهَا جَوَابًا لِخِطَابِ إبْرَاهِيمَ قال اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَذِّنْ في الناس بِالْحَجِّ} وَلَوْ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرِ لَا يَسْقُطُ عنه السَّهْوُ لِأَنَّهُ كَلَامُ قُرْبَةٍ فَلَا يُوجِبُ الْقَطْعَ وَعَلَيْهِ إعَادَةُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ لم يَقَعْ مَوْقِعَهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ في الْأَحْوَالِ كُلِّهَا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ صُلْبِيَّةٌ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالسَّهْوِ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّلْبِيَةُ بِأَنْ كان مُحْرِمًا في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ كان ذَاكِرًا لِلصُّلْبِيَّةِ وَالتِّلَاوَةِ أو لِلصُّلْبِيَّةِ دُونَ التِّلَاوَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا إذَا كان ذَاكِرًا لِلتِّلَاوَةِ دُونَ الصُّلْبِيَّةِ على ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا مَرَّ وَإِنْ كان سَاهِيًا عنها لَا يَخْرُجُ عن الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ منهما الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ مِنْهُمَا ثُمَّ يَتَشَهَّدُ بَعْدَهُمَا وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثم يسلم ثُمَّ يُكَبِّرُ ثُمَّ يُلَبِّي لِمَا مَرَّ وَلَوْ بَدَأَ بِالتَّلْبِيَةِ قبل هذه الْأَشْيَاءِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرِ لَا تَفْسُدُ لِمَا مَرَّ وَعَلَيْهِ إعَادَةُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ خَارِجُ الصَّلَاةِ في حُرْمَتِهَا فإذا كَبَّرَ في الصَّلَاةِ لم يَقَعْ مَوْقِعَهُ فَلِذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَأَمَّا إذَا كان الْمَتْرُوكُ رُكُوعًا فَلَا يُتَصَوَّرُ فيه الْقَضَاءُ وَكَذَا إذَا تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ من رَكْعَةٍ وَبَيَانُ ذلك إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَرَأَ وَسَجَدَ قبل أَنْ يَرْكَعَ ثُمَّ قام إلَى الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ فَهَذَا قد صلى رَكْعَةً وَاحِدَةً فَلَا يَكُونُ هذا الرُّكُوعُ قَضَاءً عن الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إذَا لم يَرْكَعْ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ السُّجُودِ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَالْتَحَقَ السُّجُودُ بِالْعَدَمِ فَكَأَنَّهُ لم يَسْجُدْ فَكَانَ أَدَاءُ هذا الرُّكُوعِ في مَحَلِّهِ فإذا أتى بِالسُّجُودِ بَعْدَهُ صَارَ مُؤَدِّيًا رَكْعَةً تَامَّةً وَكَذَا إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ ولم يَسْجُدْ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ ولم يَرْكَعْ ثُمَّ سَجَدَ فَهَذَا قد صلى رَكْعَةً وَاحِدَةً وَلَا يَكُونُ هذا السُّجُودُ قَضَاءً عن الْأَوَّلِ لِأَنَّ رُكُوعَهُ وَقَعَ مُعْتَبَرًا لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وقد وُجِدَتْ إلَّا أَنَّهُ تَوَقَّفَ على أَنْ تَتَقَيَّدَ بِالسَّجْدَةِ فإذا قام وَقَرَأَ لم يَقَعْ قِيَامُهُ وَلَا قِرَاءَتُهُ مُعْتَدًّا بِهِ لِأَنَّهُ لم يَقَعْ في مَحَلِّهِ فَلَغَا فإذا سَجَدَ صَادَفَ السُّجُودُ مَحَلَّهُ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ رُكُوعٍ مُعْتَبَرٍ فَتَقَيَّدَ رُكُوعُهُ بِهِ فَقَدْ وجه انْضِمَامُ السَّجْدَتَيْنِ إلَى الرُّكُوعِ فَصَارَ مُصَلِّيًا رَكْعَةً. وَكَذَا إذَا قَرَأَ وركع ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ فَإِنَّمَا صلى رَكْعَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ تقدم [تقدمه] رُكُوعَانِ وَوُجِدَ السُّجُودُ فَيَلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا وَيَلْغُو الْآخَرَ غير أَنَّ في باب الْحَدَثِ جُعِلَ الْمُعْتَبَرُ الرُّكُوعَ الْأَوَّلَ وفي باب السَّهْوِ من نَوَادِرِ أبي سُلَيْمَانَ جُعِلَ الْمُعْتَبَرُ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ حتى أَنَّ من أَدْرَكَ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ على رِوَايَةِ باب الْحَدَثِ وَعَلَى رِوَايَةِ هذا الْباب يَصِيرُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ باب الْحَدَثِ لِأَنَّ رُكُوعَهُ الْأَوَّلَ صَادَفَ مَحَلَّهُ لِحُصُولِهِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ فَوَقَعَ الثَّانِي مُكَرَّرًا فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فإذا سَجَدَ يَتَقَيَّدُ بِهِ الرُّكُوعُ الْأَوَّلُ فَصَارَ مُصَلِّيًا رَكْعَةً وَكَذَلِكَ إذَا قَرَأَ ولم يَرْكَعْ وَسَجَدَ ثُمَّ قام فَقَرَأَ وَرَكَعَ ولم يَسْجُدْ ثُمَّ قام فَقَرَأَ ولم يَرْكَعْ وَسَجَدَ فَإِنَّمَا صلى رَكْعَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ سُجُودَهُ الْأَوَّلَ لم يُصَادِفْ مَحَلَّهُ لِحُصُولِهِ قبل الرُّكُوعِ فلم يَقَعْ مُعْتَدًّا بِهِ فإذا قرى [قرأ] وَرَكَعَ تَوَقَّفَ هذا الرُّكُوعُ على أَنْ يَتَقَيَّدَ بِسُجُودِهِ بَعْدَهُ فإذا سَجَدَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ تَقَيَّدَ ذلك الرُّكُوعُ بِهِ فَصَارَ مُصَلِّيًا رَكْعَةً وَكَذَلِكَ إنْ رَكَعَ في الْأُولَى ولم يَسْجُدْ ثُمَّ رَكَعَ في الثَّانِيَةِ ولم يَسْجُدْ وَسَجَدَ في الثَّالِثَةِ ولم يَرْكَعْ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ صلى رَكْعَةً وَاحِدَةً لِمَا مَرَّ غير أَنَّ هذا السُّجُودَ يَلْتَحِقُ بِالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ أَمْ بِالثَّانِي فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ على ما مَرَّ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ في هذه الْمَوَاضِعِ لِإِدْخَالِهِ الزِّيَادَةَ في الصَّلَاةِ لِأَنَّ إدْخَالَ الزِّيَادَةِ في الصَّلَاةِ نَقْصٌ فيها وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إلَّا في رِوَايَةٍ عن مُحَمَّدٍ فإنه يقول زِيَادَةُ السَّجْدَةِ الْوَاحِدَةِ كَزِيَادَةِ الرَّكْعَةِ بِنَاءً على أَصْلِهِ أَنَّ السَّجْدَةَ الْوَاحِدَةَ قُرْبَةٌ وَهِيَ سُجُودُ الشُّكْرِ وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ إلَّا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ ثُمَّ إدْخَالُ الرُّكُوعِ الزَّائِدِ أو السُّجُودِ الزَّائِدِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ من أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ لَا تَفْسُدُ بِوُجُودِ أَفْعَالِهَا بَلْ بِوُجُودِ ما يُضَادُّهَا بِخِلَافِ ما إذَا زَادَ رَكْعَةً كَامِلَةً لِأَنَّهَا فِعْلُ صَلَاةٍ كاملا [كامل] فَانْعَقَدَ نَفْلًا فَصَارَ مُنْتَقِلًا إلَيْهِ فَلَا يَبْقَى في الْفَرْضِ ضَرُورَةٌ لِمَكَانِ فَسَادِ فَرْضٍ بهذا الطَّرِيقِ لَا بِطَرِيقِ الْمُضَادَّةِ بِخِلَافِ زِيَادَةِ ما دُونَ الرَّكْعَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِفِعْلٍ كَامِلٍ لِيَصِيرَ مُنْتَقِلًا إلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِوُجُودِ ما يُضَادُّهَا أو بِالِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهَا وقد انْعَدَمَ الْأَمْرَانِ جميعا وَالله أعلم. وَلَوْ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ من ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَقَامَ إلَى الْخَامِسَةِ فَإِنْ لم يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا لم يُقَيِّدْ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ لم يَكُنْ رَكْعَةً فلم يَكُنْ فِعْلَ صَلَاةٍ كَامِلًا وما لم يَكْمُلْ بَعْدُ فَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ على الِاسْتِقْرَارِ فَكَانَ قَابِلًا لِلرَّفْعِ وَيَكُونُ رَفْعُهُ في الْحَقِيقَةِ دَفْعًا وَمَنْعًا عن الثُّبُوتِ فَيُدْفَعُ لِيَتَمَكَّنَ من الْخُرُوجِ عن الْفَرْضِ وهو الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ وقد رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قام إلَى الْخَامِسَةِ فَسُبِّحَ بِهِ فَعَادَ وَإِنْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ لَا يَعُودُ وَفَسَدَ فَرْضُهُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَفْسُدُ فَرْضُهُ وَيَعُودُ بِنَاءً على أَنَّ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ عِنْدَهُ بِمَحَلِّ النَّقْصِ وَبِهِ حَاجَةٌ إلَى النَّقْصِ لِبَقَاءِ فَرْضٍ عليه وهو الْخُرُوجُ بِلَفْظِ السَّلَامِ وإنا نَقُولُ وُجِدَ فِعْلٌ كَامِلٌ من أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وقد انْعَقَدَ نَفْلًا فَصَارَ بِهِ خَارِجًا عن الْفَرْضِ لِأَنَّ من ضَرُورَةِ حُصُولِهِ في النَّفْلِ خُرُوجَهُ عن الْفَرْضِ لِتَغَايُرِهُمَا فَيَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ فِيهِمَا وقد حَصَلَ في النَّفْلِ فَصَارَ خَارِجًا عن الْفَرْضِ ضَرُورَةً وَلَوْ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأُولَى من ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ فَإِنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا لَا يَعُودُ لِمَا رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قام من الثَّانِيَةِ إلَى الثَّالِثَةِ ولم يَقْعُدْ فَسَبَّحُوا بِهِ فلم يَعُدْ وَلَكِنْ سَبَّحَ بِهِمْ فَقَامُوا وما رُوِيَ أَنَّهُمْ سَبَّحُوا بِهِ فَعَادَ مَحْمُولٌ على ما إذَا لم يَسْتَتِمَّ قَائِمًا وكان إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ تَوْفِيقًا بين الْحَدِيثَيْنِ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ فَرِيضَةٌ وَالْقَعْدَةَ الْأُولَى وَاجِبَةٌ فَلَا يُتْرَكُ الْفَرْضُ لِمَكَانِ الْوَاجِبِ وَإِنَّمَا عَرَفْنَا جَوَازَ الِانْتِقَالِ من الْقِيَامِ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِالْأَثَرِ لِحَاجَةِ الْمُصَلِّي إلَى الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى وَإِظْهَارِ مُخَالَفَةِ من عَصَاهُ وَاسْتَنْكَفَ عن سَجْدَتِهِ وَأَمَّا إذَا لم يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَإِنْ كان إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لِوُجُودِ حَدِّ الْقِيَامِ وهو انْتِصَابُ النِّصْفِ الْأَعْلَى وَالنِّصْفِ الْأَسْفَلِ جميعا وما بَقِيَ من الِانْحِنَاءِ فَقَلِيلٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَإِنْ كان إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ يَقْعُدُ لِانْعِدَامِ الْقِيَامِ الذي هو فَرْضٌ ولم يذكر مُحَمَّدٌ أَنَّهُ هل يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ أَمْ لَا وقد اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فيه كان الشَّيْخُ أبو بَكْرٍ محمد بن الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ يقول لَا يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لِأَنَّهُ إذَا كان إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ كان كَأَنَّهُ لم يَقُمْ وَلِهَذَا يَجِبُ عليه أَنْ يَقْعُدَ وقال غَيْرُهُ من مَشَايِخِنَا أنه يَسْجُدُ لِأَنَّهُ بِقَدْرِ ما اشْتَغَلَ بِالْقِيَامِ أَخَّرَ وَاجِبًا وَجَبَ وَصْلُهُ بِمَا قَبْلَهُ من الرُّكْنِ فَلَزِمَهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَأَمَّا الْأَذْكَارُ فَنَقُولُ إذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ في الْأُولَيَيْنِ قَضَاهَا في الْأُخْرَيَيْنِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيَّ من أَصْحَابِنَا أَنَّ هذا عِنْدِي أَدَاءٌ وَلَيْسَ بِقَضَاءٍ لِأَنَّ الْفَرْضَ هو الْقِرَاءَةُ في رَكْعَتَيْنِ غير عَيْنٍ فإذا قَرَأَ في الْأُخْرَيَيْنِ كان مُؤَدِّيًا لَا قَاضِيًا وقال غَيْرُهُ من أَصْحَابِنَا أنه يَكُونُ قَاضِيًا وَمَسَائِلُ الْأَصْلِ تَدُلُّ عليه فإنه قال في الْمُسَافِرِ إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ في الشَّفْعِ الثَّانِي بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لم يَكُنْ قَرَأَ الْإِمَامُ في الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كانت الْقِرَاءَةُ في الْأُولَيَيْنِ أَدَاءً لَجَازَ لِأَنَّهُ يَكُونُ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُفْتَرِضِ في حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَلَكِنْ لَمَّا كانت الْقِرَاءَةُ في الْأُخْرَيَيْنِ قَضَاءً عن الْأُولَيَيْنِ الْتَحَقَتْ بِالْأُولَيَيْنِ فخلت [فحلت] الْأُخْرَيَانِ عن الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ فَيَصِيرُ في حَقِّ الْقِرَاءَةِ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَإِنَّهُ فَاسِدٌ وَذُكِرَ في باب السَّهْوِ من الْأَصْلِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا كان لم يَقْرَأْ في الْأُولَيَيْنِ فَاقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ في الْأُخْرَيَيْنِ وَقَرَأَ الْإِمَامُ فِيهِمَا ثُمَّ قام الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ ما فَاتَهُ فَعَلَيْهِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ تَرَكَ ذلك لم تُجْزِهِ صَلَاتُهُ وَلَوْ كان فَرْضُ الْقِرَاءَةِ في رَكْعَتَيْنِ غير عَيْنٍ لَكَانَ الْإِمَامُ مُؤَدِّيًا فَرْضَ الْقِرَاءَةِ في الْأُخْرَيَيْنِ وقد أَدْرَكَهُمَا الْمَسْبُوقُ فَحَصَلَ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ عَيْنًا بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عليه الْقِرَاءَةُ وَمَعَ هذا وَجَبَ فَعُلِمَ أَنَّ الْأُولَيَيْنِ مَحَلُّ أَدَاءِ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ عَيْنًا وَالْقِرَاءَةُ في الْأُخْرَيَيْنِ قَضَاءٌ عن الْأُولَيَيْنِ فإذا قَرَأَ الْإِمَامُ في الْأُخْرَيَيْنِ فَقَدْ قَضَى ما فَاتَهُ من الْقِرَاءَةِ في الْأُولَيَيْنِ وَالْفَائِتُ إذَا قضى يَلْتَحِقُ بِمَحَلِّهِ فخلت [فحلت] الْأُخْرَيَانِ عن الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ فَقَدْ فَاتَ على الْمَسْبُوقِ الْقِرَاءَةُ فَلَا بُدَّ من تَحْصِيلِهَا لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِلَا قِرَاءَةٍ غَيْرُ جَائِزَةٍ. وَكَذَا لو كان قَرَأَ الْإِمَامُ في الْأُولَيَيْنِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ في الْأُخْرَيَيْنِ وَإِنْ وُجِدَتْ لم تَكُنْ فَرْضًا لِافْتِرَاضِهَا في رَكْعَتَيْنِ فَحَسْبُ فَقَدْ فَاتَ الْفَرْضُ على الْمَسْبُوقِ فَيَجِبُ عليه تَحْصِيلُهَا فِيمَا يَقْضِي وَلَوْ تَرَكَهَا في الْأُولَيَيْنِ في صَلَاةِ الْفَجْرِ أو الْمَغْرِبِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْقَضَاءُ هَهُنَا وَلَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ في الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَبَدَأَ بِغَيْرِهَا فلما قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ تَذَكَّرَ يَعُودُ فَيَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكتاب ثُمَّ السُّورَةِ لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ سُمِّيَتْ فَاتِحَةً لِافْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ بها في الصَّلَاةِ فإذا تَذَكَّرَ في مَحَلِّهَا كان عليه مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ كما لو سَهَا عن تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ حتى اشْتَغَلَ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لم يُكَبِّرْ يَعُودُ إلَى التَّكْبِيرَاتِ وَيَقْرَأُ بَعْدَهَا كَذَا هذا وَلَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ في الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ السُّورَةَ لم يَقْضِهَا في الْأُخْرَيَيْنِ في ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ الْحَسَنِ بن زِيَادٍ أَنَّهُ يَقْضِي الْفَاتِحَةَ في الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ أَوْجَبُ من السُّورَةِ ثُمَّ السُّورَةُ تُقْضَى فَلَأَنْ تُقْضَى الْفَاتِحَةُ أَوْلَى وَلَنَا أَنَّ الْأُخْرَيَيْنِ مَحَلُّ الْفَاتِحَةِ أَدَاءً فَلَا تَكُونَا مَحَلًّا لها قَضَاءً بِخِلَافِ السُّورَةِ وَلِأَنَّهُ لو قَضَاهَا في الْأُخْرَيَيْنِ يُؤَدِّي إلَى تَكْرَارِ الْفَاتِحَةِ في رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ في الْأُولَيَيْنِ ولم يَقْرَأْ السُّورَةَ قَضَاهَا في الْأُخْرَيَيْنِ وَعَنْ أبي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَقْضِيهَا كما لَا يَقْضِي الْفَاتِحَةَ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ فَاتَتْ عن مَوْضِعِهَا وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِمَا رُوِيَ عن عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ في رَكْعَةٍ من صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقَضَاهَا في الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ وَجَهَرَ وَرُوِيَ عن عمر [عثمان] رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ تَرَكَ السُّورَةَ في الْأُولَيَيْنِ فَقَضَاهَا في الْأُخْرَيَيْنِ وَجَهَرَ لِأَنَّ الْأُخْرَيَيْنِ لَيْسَتَا مَحَلًّا لِلسُّورَةِ أَدَاءً فَجَازَ أَنْ يكونا [يكون] مَحَلًّا لها قَضَاءً ثُمَّ قال في الْكتاب وَجَهَرَ ولم يذكر أَنَّهُ جَهَرَ بِهِمَا أو بِالسُّورَةِ خَاصَّةً وَفَسَّرَهُ الْبَلْخِيّ فقال أتى بِالسُّورَةِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ وَيَجْهَرُ بِالسُّورَةِ أَدَاءً فَكَذَا قَضَاءً فَأَمَّا الْفَاتِحَةُ فَهِيَ في مَحَلِّهَا وَمِنْ سُنَنِهَا الْإِخْفَاءُ فَيُخْفِي بها وَعَنْ أبي يُوسُفَ أَنَّهُ يُخَافِتُ بِهِمَا لِأَنَّهُ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةُ تُبْنَى عليها ثُمَّ السُّنَّةُ في الْفَاتِحَةِ الْمُخَافَتَةُ فَكَذَا فِيمَا يبني عليها وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِمَا لِأَنَّ الْجَمْعَ بين الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ في رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وقد وَجَبَ عليه الْجَهْرُ بِالسُّورَةِ فَيَجْهَرُ بِالْفَاتِحَةِ أَيْضًا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ ما قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ فَإِنْ تَذَكَّرَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أو السُّورَةِ في الرُّكُوعِ أو بعد ما رَفَعَ رَأْسَهُ منه يَعُودُ إلَى الْقِرَاءَةِ وَيُنْتَقَضُ رُكُوعُهُ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا نَذْكُرُهُ في صَلَاةِ الْوِتْرِ وَلَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فَتَذَكَّرَ في الرُّكُوعِ قَضَاهَا في الرُّكُوعِ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ إذَا تَذَكَّرَ في الرُّكُوعِ حَيْثُ يَسْقُطُ وَنَذْكُرُ الْفَرْقَ هُنَاكَ أَيْضًا وَلَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ في الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَقَامَ ثُمَّ تَذَكَّرَ يَعُودُ وَيَتَشَهَّدُ إذَا لم يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ لِأَنَّهُ لو كان قَرَأَ التَّشَهُّدَ ثُمَّ تَذَكَّرَ يَعُودُ لِيَكُونَ خُرُوجُهُ من الصَّلَاةِ على الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ فَهَهُنَا أَوْلَى وَكَذَا إذَا لم يَقُمْ وَتَذَكَّرَهَا قبل السَّلَامِ أو بَعْدَ ما سَلَّمَ سَاهِيًا وَلَوْ سَلَّمَ وهو ذَاكِرٌ لها سَقَطَتْ عنه وَسَقَطَ سَجْدَتَا السَّهْوِ لِمَا مَرَّ وَلَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ في الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا لَا يَعُودُ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ وَلَيْسَ من الْحِكْمَةِ تَرْكُ الْفَرْضِ لِتَحْصِيلِ الْوَاجِبِ وَإِنْ لم يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَإِنْ كان إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ لَا يَعُودُ وَتَسْقُطُ وَإِنْ كان إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ يَعُودُ لِمَا ذَكَرْنَا في الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَالله أعلم.
|